نحتُ‭ ‬الذاكرة

| سيد علي المحافظة

يحلم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬لو‭ ‬باستطاعتهم‭ ‬اقتحام‭ ‬قلعة‭ ‬الذاكرة،‭ ‬وكنس‭ ‬فضلات‭ ‬الذكريات‭ ‬السيئة‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬تنفك‭ ‬تقرع‭ ‬أجراس‭ ‬الألم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬شعور‭ ‬بالذات‭.‬

الكاتبة‭ ‬والأديبة‭ ‬السورية‭ ‬غادة‭ ‬السمان‭ ‬أبدعت‭ ‬حين‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬رابطة‭ ‬الدم‭ ‬بين‭ ‬الذاكرة‭ ‬والألم،‭ ‬وأنهما‭ ‬توأمان‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬قتل‭ ‬الأول‭ ‬دون‭ ‬سحق‭ ‬الآخر،‭ ‬ليحضرها‭ ‬الرد‭ ‬من‭ ‬الشاعرة‭ ‬والكاتبة‭ ‬الكويتية‭ ‬سعدية‭ ‬مفرح‭: ‬تعذبني‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تغادر‭ ‬مرفأ‭ ‬الذاكرة‭.‬

لا‭ ‬يكاد‭ ‬يمر‭ ‬أسبوع‭ ‬إلا‭ ‬ويحمل‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬جعبته‭ ‬حفنة‭ ‬من‭ ‬الذكريات‭ ‬المؤلمة‭ ‬التي‭ ‬تحجز‭ ‬لنفسها‭ ‬موقعًا‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬غرف‭ ‬الذاكرة‭ ‬الفتية‭.‬

الأبناء‭ ‬أمانة‭ ‬من‭ ‬الله،‭ ‬ومسؤولية‭ ‬نحت‭ ‬ذاكرة‭ ‬مستقبلية‭ ‬لهم‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬العقد‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬كاهل‭ ‬الآباء‭ ‬والمجتمع‭ ‬بمختلف‭ ‬مستوياته‭ ‬ومكوناته‭.‬

انضمت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬عام‭ ‬1989‭ ‬لاتفاقية‭ ‬حقوق‭ ‬الطفل،‭ ‬وسنَّت‭ ‬قانونًا‭ ‬خاصًّا‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2012،‭ ‬لتقر‭ ‬بذلك‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬الطفولة‭ ‬والأمومة،‭ ‬وتهيئة‭ ‬البيئة‭ ‬والظروف‭ ‬الملائمة‭ ‬لتنشئتهم‭ ‬تنشئة‭ ‬صحية‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬النواحي‭.‬

وأتساءل‭ ‬عن‭ ‬السبب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يدفع‭ ‬الآباء‭ ‬والمجتمع‭ ‬لبث‭ ‬صور‭ ‬وفيديوهات‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يتعرضون‭ ‬للاعتداء‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الحديثة،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬نظمت‭ ‬فيه‭ ‬التشريعات‭ ‬سبل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات،‭ ‬بما‭ ‬يحفظ‭ ‬للطفل‭ ‬سمعته‭ ‬وصحته‭ ‬النفسية‭ ‬ومستقبله‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمهني؟‭.‬

لمحت‭ ‬تقريرًا‭ ‬أعدّه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬حول‭ ‬تأثير‭ ‬نشر‭ ‬صور‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬خلصوا‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬لصورة‭ ‬قديمة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بمثابة‭ ‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الطفل‭ ‬إذا‭ ‬أصبح‭ ‬محط‭ ‬أنظار‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

يقول‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬في‭ ‬حق‭ ‬الولد‭ ‬على‭ ‬أبيه‭: ‬فاعمل‭ ‬في‭ ‬أمره‭ ‬عمل‭ ‬المتزين‭ ‬بحسن‭ ‬أثره‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عاجل‭ ‬الدنيا،‭ ‬المعذِر‭ ‬إلى‭ ‬ربه‭ ‬فيما‭ ‬بينك‭ ‬وبينه‭ ‬بحسن‭ ‬القيام‭ ‬عليه‭ ‬والأخذ‭ ‬له‭ ‬منه‭.‬