ياسمينيات

عنده أولاد

| ياسمين خلف

يقع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬في‭ ‬سني‭ ‬أعمارهم‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬عوز‭ ‬وقلة‭ ‬حيلة،‭ ‬فلا‭ ‬قوتهم‭ ‬تعينهم‭ ‬على‭ ‬العمل،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أفنوها‭ ‬بالكد‭ ‬والسهر‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا،‭ ‬ولا‭ ‬صحتهم‭ ‬تمكنهم‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬تصريف‭ ‬أمور‭ ‬حياتهم‭ ‬اليومية،‭ ‬فلا‭ ‬يملك‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬ما‭ ‬يكفيهم‭ ‬من‭ ‬مدخول‭ ‬شهري‭ ‬يحفظ‭ ‬ماء‭ ‬أوجههم‭ ‬من‭ ‬ذل‭ ‬سؤال‭ ‬علان‭ ‬وفلتان‭ ‬ممن‭ ‬حولهم،‭ ‬فبعضهم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬أصلاً‭ ‬راتباً‭ ‬تقاعدياً‭ ‬كونهم‭ ‬ممن‭ ‬امتهنوا‭ ‬في‭ ‬شبابهم‭ ‬أعمالاً‭ ‬حرة،‭ ‬فيما‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬رواتبهم‭ ‬التقاعدية‭ ‬لا‭ ‬تسد‭ ‬مصروفاتهم،‭ ‬والتي‭ ‬وإن‭ ‬اعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أنها‭ ‬تقل‭ ‬مع‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬السن،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬واقعياً‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬التفتنا‭ ‬إلى‭ ‬حاجتهم‭ ‬إلى‭ ‬زيارة‭ ‬الأطباء،‭ ‬وشراء‭ ‬الأدوية،‭ ‬وتوفير‭ ‬من‭ ‬يخدمهم‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬وتأمين‭ ‬توصيلهم‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬بعدما‭ ‬فقدوا‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬السياقة،‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاحتياجات،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتجاوز‭ ‬ما‭ ‬يحصلون‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬راتب‭ ‬هزيل،‭ ‬هذا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أضفنا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭.‬‭ ‬

وأمام‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬فئة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السن،‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬يتردد‭ ‬على‭ ‬مسامعنا‭ ‬تساؤل‭ ‬البعض،‭ ‬“أليس‭ ‬لديه‭ ‬أولاد؟”‭ ‬وكأن‭ ‬السؤال‭ ‬ينتظر‭ ‬منك‭ ‬أن‭ ‬تجيب‭ ‬بنعم،‭ ‬كي‭ ‬يخلي‭ ‬طرفه‭ ‬من‭ ‬مد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬والمساعدة،‭ ‬فإن‭ ‬أجبته‭ ‬بنعم،‭ ‬رد‭ ‬عليك‭ ‬وقال‭: ‬فليتكفلوا‭ ‬به‭!‬،‭ ‬ليسد‭ ‬عليك‭ ‬باباً‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬معه‭ ‬برحمة‭ ‬أو‭ ‬واقعية،‭ ‬ألسنا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬ونعلم‭ ‬ونرى‭ ‬أن‭ ‬العاقين‭ ‬لآبائهم‭ ‬كثر؟‭ ‬ألا‭ ‬نعلم‭ ‬ونرى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأبناء‭ ‬انصرفوا‭ ‬لحياتهم‭ ‬الشخصية،‭ ‬ووجدوا‭ ‬أن‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬تنحصر‭ ‬في‭ ‬الزوجة‭ ‬والأبناء،‭ ‬وأن‭ ‬الوالدين‭ ‬سقطا‭ ‬من‭ ‬حساباتهم؟‭ ‬ألا‭ ‬نعلم‭ ‬ونرى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأبناء‭ ‬لا‭ ‬يتذكرون‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬سلف‭ ‬ودين،‭ ‬وأن‭ ‬مسألة‭ ‬أن‭ ‬“الدنيا‭ ‬دوارة”‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬ترهبهم‭! ‬

علينا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬أكثر‭ ‬واقعية،‭ ‬نعم‭ ‬أولادهم‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬مسؤولين‭ ‬عن‭ ‬آبائهم،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬حيلة‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬قدره‭ ‬عقوق‭ ‬وجحود‭ ‬ونكران‭ ‬الأبناء،‭ ‬أنتركهم‭ ‬يصارعون‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬أرذل‭ ‬أعمارهم‭ ‬هكذا‭ ‬فقط‭ ‬لأنهم‭ ‬وبحسب‭ ‬الأوراق‭ ‬الرسمية‭ ‬أم‭ ‬أو‭ ‬أب‭ ‬لديه‭ ‬ذرية؟‭ ‬ليكن‭ ‬لنا‭ ‬ميزان‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬أحقية‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬مساعداتنا،‭ ‬ولنؤمن‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬الله‭. ‬

‭ ‬

ياسمينة‭

‬ارفقوا‭ ‬بمن‭ ‬لديه‭ ‬أولاد،‭ ‬ولم‭ ‬يكونوا‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬كبره‭ ‬سندا‭ ‬وعونا‭.‬