نجاحات المرأة العربية اقتصاديا واجتماعيا... هل من مزيد؟ (2)

| د. هالة جمال

‏في‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬سجلت‭ ‬المرأة‭ ‬حضورا‭ ‬قويا‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬ملكية‭ ‬السجلات‭ ‬‏التجارية‭ ‬فاق‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الفئات،‭ ‬وتلعب‭ ‬المرأة‭ ‬بشكل‭ ‬ظاهر‭ ‬للجميع‭ ‬دورا‭ ‬مؤثرا‭ ‬في‭ ‬‏القطاع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وساهمت‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬حضور‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأنشطة‭  ‬الاقتصادية،‭ ‬ورفع‭ ‬مساهمة‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬‏كرائدة‭ ‬وسيدة‭ ‬أعمال‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬الوطني‭ ‬الإجمالي‭ ‬‏لمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬حيث‭ ‬وصلت‭ ‬نسبة‭ ‬‏السجلات‭ ‬الفردية‭ ‬المملوكة‭ ‬للمرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬خلال‭ ‬2018‭ ‬‏إلى‭ ‬47‭ %‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬31‭ % ‬‏من‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬البحرينية‭ ‬الصغيرة‭ ‬مملوكة‭ ‬لنساء‭ ‬‏بحرينيات،‭ ‬فيما‭ ‬بلغت‭ ‬‏نسبة‭ ‬ملكيتهم‭ ‬للشركات‭ ‬الكبيرة‭ ‬37‭ %‬،‭ ‬وهي‭ ‬نسب‭ ‬جدا‭ ‬متميزة،‭ ‬ولعلنا‭ ‬نسجل‭ ‬نفس‭ ‬النسب‭ ‬تقريبا‭ ‬للمرأة‭ ‬الكويتية‭ ‬واللبنانية‭ ‬وبشكل‭ ‬أقل‭ ‬نسبيا‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬‏والإمارات‭.‬‏

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬المجتمعي‭ ‬والقانوني،‭ ‬طورت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬قوانينها‭ ‬بما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬‏نشر‭ ‬الوعي‭ ‬بحقوق‭ ‬المرأة‭ ‬وتحقيق‭ ‬مطالبها‭ ‬الواقعية‭ ‬وأحلامها‭ ‬المشروعة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القوانين‭ ‬‏التي‭ ‬تساند‭ ‬وتدعم‭ ‬المرأة‭ ‬‏العاملة‭ ‬وتوفر‭ ‬لها‭ ‬امتيازات‭ ‬‏عديدة‭ ‬فيما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬ظروفها‭ ‬وأمومتها،‭ ‬‏وهنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتميزة‭ ‬التي‭ ‬تتخذها‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬مثل‭ ‬تونس‭ ‬والبحرين‭ ‬‏ومصر‭ ‬ولبنان‭ ‬أو‭ ‬‏بصدد‭ ‬استكمالها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬التمييز،‭ ‬‏وتعزيز‭ ‬‏بيئة‭ ‬العمل‭ ‬السليمة،‭ ‬‏ونقول‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬التعديلات‭ ‬أمر‭ ‬يدعو‭ ‬للفخر‭.‬‏

وشهدت‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬زيادة‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬وتيرة‭ ‬دعوات‭ ‬تمكين‭ ‬المرأة‭ ‬وإفساح‭ ‬‏المجال‭ ‬أمام‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬‏العامة‭ ‬كلاعب‭ ‬مهم‭ ‬وأساسي‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬‏وتقول‭ ‬‏الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إن‭ ‬“المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كونها‭ ‬حقا‭ ‬أساسيا‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬أمر‭ ‬‏ضروري‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬وإطلاق‭ ‬إمكانيات‭ ‬المجتمع‭ ‬الكاملة”‎‭.‬‎

ومن‭ ‬بين‭ ‬مقاصد‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعلنة‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬1‭ ‬من‭ ‬ميثاقها‭: ‬“احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬‏والحريات‭ ‬الأساسية‭ ‬للناس‭ ‬جميعا‭ ‬والتشجيع‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬إطلاقا‭ ‬بلا‭ ‬تمييز‭ ‬بسبب‭ ‬الجنس‭ ‬أو‭ ‬اللغة‭ ‬أو‭ ‬‏الدين‭ ‬ولا‭ ‬تفريق‭ ‬بين‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‎”‎‭.‬

وتُعد‭ ‬تونس‭ ‬مثالا‭ ‬رائدا‭ ‬لمشاركة‭ ‬المرأة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار،‭ ‬وطبقا‭ ‬لإحصائيات‭ ‬المركز‭ ‬‏الديمقراطي‭ ‬العربي‭ ‬للدراسات‭ ‬‏الاستراتيجية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والسياسية،‭ ‬حول‭ ‬انتخابات‭ ‬عام‭ ‬‏‏2014،‭ ‬وهي‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬برلمانية‭ ‬تعقد‭ ‬بعد‭ ‬الثورة،‭ ‬‏كان‭ ‬“عدد‭ ‬النساء‭ ‬المشاركات‭ ‬في‭ ‬‏الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬76‭ ‬امرأة‭ ‬بنسبة‭ ‬35‭ % ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬وهذه‭ ‬أعلى‭ ‬نسبة‭ ‬تم‭ ‬‏الوصول‭ ‬‏إليها‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تونس‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬بأكملها”‭.‬‎‭ ‬وفي‭ ‬مصر،‭ ‬نجحت‭ ‬75‭ ‬امرأة‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الانتخاب‭ ‬الحر‭ ‬‏المباشر‭.‬‏

 

لكن‭ ‬تبقى‭ ‬مشكلة‭ ‬إبراز‭ ‬المرأة‭ ‬كنموذج‭ ‬اقتصادي‭ ‬وسياسي‭ ‬ناجح‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬‏الناحية‭ ‬الإعلامية،‭ ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬ربما‭ ‬نتطرق‭ ‬لها‭ ‬بشكل‭ ‬مفصل‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬قادم‭.‬‏