زبدة القول

القمة العربية في تونس

| د. بثينة خليفة قاسم

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية‭ ‬بتفاصيلها‭ ‬ومآلاتها‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬مثار‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬العرب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الجولان‭ ‬السورية‭ ‬كانت‭ ‬محل‭ ‬اتفاق‭ ‬تام‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬عودة‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬بسبب‭ ‬التفاصيل‭ ‬الخاصة‭ ‬بمستقبل‭ ‬سوريا‭ ‬وإعلاء‭ ‬مبدأ‭ ‬المواطنة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سواه‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمستقبل‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬المهم،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬اتفاق‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬السياسات‭ ‬أحادية‭ ‬الجانب‭ ‬للرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

الجولان‭ ‬أرض‭ ‬عربية‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والقرارات‭ ‬الدولية،‭ ‬فوسط‭ ‬اليأس‭ ‬الذي‭ ‬يصيب‭ ‬كل‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬بسبب‭ ‬استهتار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬بالعرب‭ ‬وقضاياهم‭ ‬وعدم‭ ‬احترامه‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضايا‭ ‬العربية،‭ ‬نجد‭ ‬ضوءا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬النفق‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬اتفقوا‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬رغم‭ ‬حالة‭ ‬التمزق‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬الأمة‭.‬

هذا‭ ‬الحضور‭ ‬المكثف‭ ‬للزعماء‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬تونس‭ ‬يعطينا‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬عودة‭ ‬الروح‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬للعمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك،‭ ‬وهذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬قرارات‭ ‬ترامب‭ ‬أحادية‭ ‬الجانب،‭ ‬خصوصا‭ ‬قراره‭ ‬الخاص‭ ‬بتمكين‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‭ ‬أمر‭ ‬يبشر‭ ‬بالخير،‭ ‬ورب‭ ‬ضارة‭ ‬نافعة،‭ ‬فقرار‭ ‬ترامب‭ ‬حول‭ ‬الجولان‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬بمثابة‭ ‬نيران‭ ‬صديقة‭ ‬أطلقت‭ ‬على‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يفرضها‭ ‬على‭ ‬العرب،‭ ‬لأن‭ ‬مصداقية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كراع‭ ‬لعملية‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬وإسرائيل‭ ‬انتهت‭ ‬وشعر‭ ‬الجميع‭ ‬باليأس‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دورا‭ ‬عادلا‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

فما‭ ‬الذي‭ ‬سيجعل‭ ‬العرب‭ ‬يسيرون‭ ‬خلف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬وغيرها،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬عمل‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬منذ‭ ‬مجيء‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬هو‭ ‬شرعنة‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للاتفاقيات‭ ‬الدولية؟‭ ‬ونتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬شعار‭ ‬العرب‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬العسيرة‭ ‬هو‭: ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬لن‭ ‬نكسب‭ ‬شيئا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬فعلى‭ ‬الأقل‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نخسر،‭ ‬فالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬قضية‭ ‬العرب‭ ‬الأولى‭.‬