القمة العربية وحال الأمة

| عبدعلي الغسرة

عقدت‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الثلاثون‭ ‬وحال‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬ليس‭ ‬بخير،‭ ‬عقدت‭ ‬وسط‭ ‬أوضاع‭ ‬عربية‭ ‬عاصفة‭ ‬وظروف‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬مُلتهبة،‭ ‬وواقع‭ ‬يسوده‭ ‬القلق‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬عقدت‭ ‬وأرضنا‭ ‬العربية‭ ‬تعيش‭ ‬الألم‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬والخلافات‭ ‬التي‭ ‬تتربع‭ ‬على‭ ‬خاصرة‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية،‭ ‬فهل‭ ‬ستكون‭ ‬النتائج‭ ‬جريئة‭ ‬ومثمرة؟‭ ‬فما‭ ‬يتطلبه‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬أوقاتها،‭ ‬بل‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬قرارات‭ ‬فاعلة‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭. ‬

كانت‭ ‬بالأمس‭ ‬لدينا‭ ‬قضية‭ ‬عربية‭ ‬واحدة‭ ‬وهي‭ ‬فلسطين‭ ‬والصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني،‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فلدينا‭ ‬ملف‭ ‬شائك‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬وتزيد‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن،‭ ‬قضايا‭ ‬سياسية‭ ‬وأمنية،‭ ‬عدوانية‭ ‬واستيطانية،‭ ‬اقتصادية‭ ‬وديمقراطية،‭ ‬اجتماعية‭ ‬وثقافية،‭ ‬مهنية‭ ‬وحقوقية،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬وتزداد‭ ‬آلام‭ ‬العرب‭ ‬وأوجاع‭ ‬أمتهم‭ ‬بزيادتها‭ ‬كمًا‭ ‬وزمنًا،‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والشام‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬الأفريقية‭ ‬العربية،‭ ‬وأضاف‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬الأميركية‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬والاعتراف‭ ‬بسيادة‭ ‬الصهاينة‭ ‬على‭ ‬هضبة‭ ‬الجولان‭ ‬جرحا‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية،‭ ‬وهذا‭ ‬الفعل‭ ‬يُمثل‭ ‬امتدادًا‭ ‬لوعد‭ ‬بلفور‭ ‬المشؤوم‭.‬

إن‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬ليست‭ ‬بما‭ ‬يخرج‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬قرارات،‭ ‬بل‭ ‬بما‭ ‬تضع‭ ‬من‭ ‬حلول‭ ‬لما‭ ‬تُعانيه‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬بلاء‭ ‬سياسي‭ ‬وعدواني‭ ‬واستيطاني،‭ ‬قرارات‭ ‬لمواجهة‭ ‬قرارات‭ ‬غُربان‭ ‬الغرب‭ ‬والدول‭ ‬الإقليمية،‭ ‬قرارات‭ ‬لصد‭ ‬الإرهاب‭ ‬واجتثاث‭ ‬الطائفية،‭ ‬قرارات‭ ‬تجمع‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬ورفض‭ ‬إعادة‭ ‬تجزئتها،‭ ‬قرارات‭ ‬تحقق‭ ‬أماني‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والعيش‭ ‬المُشترك‭ ‬وتوفير‭ ‬سُبل‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭.‬

لقد‭ ‬أحدثت‭ ‬التدخلات‭ ‬والإملاءات‭ ‬الخارجية‭ ‬شرخًا‭ ‬عميقًا‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬خلخلة‭ ‬العلاقة‭ ‬البينية‭ ‬بين‭ ‬الأقطار،‭ ‬وهذا‭ ‬منزلق‭ ‬انتقص‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬جوهر‭ ‬أمتنا‭ ‬وأفقدها‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬تميزها‭ ‬وخصوصيتها،‭ ‬فعلى‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬حال‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬وواقعها‭ ‬القومي‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُعطى‭ ‬حقه‭ ‬الطبيعي‭ ‬بمواكبة‭ ‬تامة‭ ‬بين‭ ‬أهداف‭ ‬القمة‭ ‬وهذا‭ ‬الواقع‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تفقد‭ ‬أمتنا‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬مكوناتها‭ ‬الأساسية،‭ ‬مع‭ ‬وضع‭ ‬تصور‭ ‬شامل‭ ‬لمستقبل‭ ‬كل‭ ‬أقطارنا‭ ‬وتخليصها‭ ‬من‭ ‬ما‭ ‬تعيشه‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬بحلول‭ ‬موضوعية‭ ‬وتوافق‭ ‬موحد‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬ما‭ ‬تعانيه‭ ‬الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬خلافات‭ ‬وصراعات،‭ ‬والوقوف‭ ‬صفًا‭ ‬واحدًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬وتعميق‭ ‬دورها‭ ‬الحضاري‭.‬