مواقف إدارية

الصعود‭ ‬إلى‭ ‬الأسفل‭...‬

| أحمد البحر

قد‭ ‬يثير‭ ‬العنوان‭ ‬التساؤل،‭ ‬وربما‭ ‬يتجاوز‭ ‬حدود‭ ‬التساؤل‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬الاستغراب،‭ ‬ولكني‭ ‬أستطيع‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ - ‬أي‭ ‬العنوان‭ - ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬لتفسير،‭ ‬ولا‭ ‬أقول‭ ‬ترجمة،‭ ‬للمصطلح‭ ‬الإنجليزي‭ ‬“to be kicked up”،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬موضوعنا‭. ‬

هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬يستخدم‭ ‬أحيانًا‭ ‬ويطبق‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬كحل‭ ‬آني‭ ‬ومؤقت‭ ‬لمشكلة‭ ‬قد‭ ‬تطفو‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وأساسها‭ ‬عدم‭ ‬تجانس‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬أحد‭ ‬كوادرها‭ ‬التنفيذيين‭ ‬على‭ ‬مسايرة‭ ‬تنفيذ‭ ‬متطلبات‭ ‬تحقيق‭ ‬رؤيتها‭ ‬أو‭ ‬لأسباب‭ ‬أخرى‭.‬

والآن‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نطرح‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭: ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬الصعود‭ ‬إلى‭ ‬الأسفل‭ ‬وبعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬كيف‭ ‬يطبق‭ ‬ذاك‭ ‬المصطلح؟‭ ‬إليك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬هذا‭ ‬الموقف،‭ ‬وربما‭ ‬صادف‭ ‬بعضنا‭ ‬مثله‭ ‬خلال‭ ‬حياته‭ ‬العملية،‭ ‬والموقف‭ ‬يجيب‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سلف‭ ‬من‭ ‬تساؤل‭.‬

يوسف‭ ‬على‭ ‬هيكل‭ ‬الإدارة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬وهو‭ ‬معروف‭ ‬بحماسه‭ ‬الشديد،‭ ‬وأحيانًا‭ ‬المنفلت،‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مهام‭ ‬منصبه،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬أيضا‭ ‬بحديثه‭ ‬المستمر‭ ‬عن‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬وطالما‭ ‬دفعه‭ ‬ذلك‭ ‬الحماس،‭ ‬وفي‭ ‬أحايين‭ ‬كثيرة،‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬اقتراحات‭ ‬وأفكار‭ ‬غريبة‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬ترجمتها‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭. ‬

هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬والاقتراحات‭ ‬وهذا‭ ‬الحماس‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تصاحبه‭ ‬أي‭ ‬إنتاجية‭ ‬ملموسة‭ ‬في‭ ‬الغالب،‭ ‬رغم‭ ‬حديثه‭ ‬المستمر‭ ‬عنها،‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬مجتمعة‭ ‬بدأت‭ ‬تسبب‭ ‬إزعاجًا‭ ‬للإدارة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬بدأت‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬زملائه‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافهم‭.‬

هذا‭ ‬الأمر‭ ‬دعا‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬“بترقيته”،‭ ‬وهي‭ ‬ترقية‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬يتحدث‭ ‬سكوت‭ ‬ادم‭ ‬عن‭ ‬أسبابها‭ ‬فيقول‭ ‬“إن‭ ‬الغالبية‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬غير‭ ‬الفاعلة‭ ‬يتم‭ ‬تحريكهم‭ ‬وبصورة‭ ‬منتظمة‭ ‬إلى‭ ‬وظائف‭ ‬ومناصب‭ ‬أخرى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدثوا‭ ‬ضررًا‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬لو‭ ‬ظلوا‭ ‬على‭ ‬وظائفهم‭ ‬ومناصبهم‭ ‬الحالية”‭. ‬انتهى‭.‬

الترقية‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬تسمى‭ ‬الصعود‭ ‬إلى‭ ‬الأسفل‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬بعض‭ ‬الاختصاصيين،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬الظاهر‭ ‬مسميات‭ ‬وظيفية‭ ‬لامعة‭ ‬وجاذبة‭ ‬وثقيلة‭ ‬الوزن‭ ‬مثل‭: ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاختصاصية‭ ‬والبحوث‭ ‬الميدانية‭ ‬الدقيقة‭ ‬أو‭ ‬المستشار‭ ‬التنفيذي‭ ‬لمجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬للتطوير‭ ‬النوعي‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬واللوجستيات‭.‬

هذا‭ ‬في‭ ‬الظاهر،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬الباطن‭ ‬فالحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أنها‭ ‬مسميات‭ ‬لمناصب‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬منزوعة‭ ‬الصلاحيات‭ ‬وخاوية‭ ‬المحتوى،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬محطات‭ ‬ترانزيت‭ ‬ينتظر‭ ‬صاحبها‭ ‬القطار‭ ‬الذي‭ ‬سينقله‭ ‬إلى‭ ‬واحة‭ ‬التقاعد‭ ‬الهادئة‭. ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬وهل‭ ‬شاهدته‭ ‬يطبق‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع؟‭ ‬وهل‭ ‬تجده‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل؟