ومضة قلم

الأطباء‭ ‬ثروة‭ ‬وطنية

| محمد المحفوظ

بتوجيهات‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬برنامج‭ ‬وطني‭ ‬لتوظيف‭ ‬مئتين‭ ‬وأربعين‭ ‬طبيبا‭ ‬بحرينيا،‭ ‬البرنامج‭ ‬تضمن‭ ‬تأهيل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطباء‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬والمستشفيات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬وفتح‭ ‬عيادات‭ ‬خاصة‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬إشراف‭ ‬بعد‭ ‬تأهيلهم‭ ‬وفق‭ ‬برنامج‭ ‬تدريبي‭..‬‭. ‬البرنامج‭ ‬ينفذ‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنتين،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬البديهي‭ ‬أن‭ ‬تقابل‭ ‬خطوة‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬بالترحيب‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬ومن‭ ‬جميع‭ ‬المواطنين‭ ‬كونها‭ ‬وضعت‭ ‬حدا‭ ‬لمعاناة‭ ‬امتدت‭ ‬لسنوات‭. ‬

القصة‭ ‬باختصار‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬ثلاثمائة‭ ‬طبيب‭ ‬بحريني‭ ‬شاءت‭ ‬أقدارهم‭ ‬أن‭ ‬يدرسوا‭ ‬الطب‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬لم‭ ‬يدر‭ ‬بخلدهم‭ ‬أنّ‭ ‬دراسة‭ ‬الطب‭ ‬ستكبدهم‭ ‬البقاء‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الآلام‭ ‬والأحزان،‭ ‬بل‭ ‬الأدهي‭ ‬أن‭ ‬المماطلة‭ ‬في‭ ‬التصديق‭ ‬على‭ ‬شهاداتهم‭ ‬كلفتهم‭ ‬البقاء‭ ‬لسنوات‭ ‬بلا‭ ‬وظيفة،‭ ‬ونظرا‭ ‬لوطأة‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬للرزق‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أمامهم‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬يطرقوا‭ ‬كل‭ ‬الأبواب‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬أمامهم‭ ‬أو‭ ‬أمام‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬منهم‭ ‬إلا‭ ‬امتهان‭ ‬أعمال‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بمكانتهم‭ ‬ولا‭ ‬بما‭ ‬يحملون‭ ‬من‭ ‬مؤهلات‭ ‬علمية‭ ‬كاضطرار‭ ‬أحدهم‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬كحارس‭ ‬أمن‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬طبقا‭ ‬لإفادة‭ ‬أعلنها‭ ‬أحد‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬متوقعا‭ ‬للأزمة‭ ‬التي‭ ‬اكتوى‭ ‬بنارها‭ ‬الأطباء‭ ‬الخريجون‭ ‬أن‭ ‬تطول‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬غير‭ ‬المعقول‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬أي‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬لتطوير‭ ‬التعليم‭ ‬قد‭ ‬بحثت‭ ‬بجدية‭ ‬مأساتهم‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬ووضعت‭ ‬حلا‭ ‬لها‭. ‬إن‭ ‬قضية‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطباء‭ ‬العاطلين‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬تثير‭ ‬مسألة‭ ‬هيمنة‭ ‬الأجانب‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الصحيّ‭. ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬يستعصي‭ ‬على‭ ‬الفهم،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬جاءت‭ ‬مصادقة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬رقم‭ (‬1‭) ‬لسنة‭ ‬2019م‭ ‬بتعديل‭ ‬المادة‭ (‬14‭) ‬من‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ (‬21‭) ‬لسنة‭ ‬2015م‭ ‬بشأن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحية‭ ‬الخاصة،‭ ‬والتي‭ ‬نصت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحية‭ ‬الخاصة‭ ‬للأطباء‭ ‬والفنيين‭ ‬والممرضين‭ ‬البحرينيين‭ ‬الحاصلين‭ ‬على‭ ‬المؤهلات‭ ‬والخبرة‭ ‬اللازمة‭. ‬

نحن‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬كبير‭ ‬بأنّ‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬للتوظيف‭ ‬سيشهد‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬إيجاد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬أمام‭ ‬العاطلين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬التخصصات‭ ‬الأخرى‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بممارسة‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬إلزام‭ ‬أصحاب‭ ‬الشركات‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬الأولوية‭ ‬لتوظيف‭ ‬البحريني‭.‬