جسر “القصيبي” بين السعودية والبحرين (1)

| عمر علي البدوي

على‭ ‬مسافة‭ ‬قصيرة‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬البحرين‭ ‬أشهر‭ ‬معالم‭ ‬البلد‭ ‬الآمن‭ ‬في‭ ‬الحافة‭ ‬الشرقية‭ ‬للجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬يقع‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الصروح‭ ‬الثقافية‭ ‬المميزة‭ ‬والذي‭ ‬افتتح‭ ‬مطلع‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬ويوثق‭ ‬لسيرة‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الرموز‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬برعت‭ ‬في‭ ‬فنون‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وثقافية‭ ‬وإنسانية‭ ‬مختلفة‭ ‬حتى‭ ‬أضحى‭ ‬أيقونة‭ ‬سعودية‭ ‬وخليجية‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الأسماء‭ ‬العربية‭ ‬اللامعة‭.‬

منامة‭ ‬القصيبي‭ ‬هو‭ ‬اسم‭ ‬المشروع،‭ ‬وهو‭ ‬صرح‭ ‬ثقافي‭ ‬مميز‭ ‬يعكس‭ ‬حياة‭ ‬الشاعر‭ ‬والسفير‭ ‬والوزير‭ ‬والإصلاحي‭ ‬والليبرالي‭ ‬الراحل‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي،‭ ‬تلك‭ ‬الشخصية‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬عرف‭ ‬عنها‭ ‬حبها‭ ‬الجمّ‭ ‬للبحرين‭.‬

وليس‭ ‬الاسم‭ ‬وحده‭ ‬يؤشر‭ ‬إلى‭ ‬العلاقة‭ ‬الأثيرة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الخليجيين،‭ ‬وهو‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬اسم‭ ‬العاصمة‭ ‬البحرينية‭ ‬والشخصية‭ ‬السعودية،‭ ‬لكن‭ ‬المشروع‭ ‬نفسه‭ ‬تنفيذاً‭ ‬وتمويلاً‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬كذلك،‭ ‬إذ‭ ‬تبنت‭ ‬تنفيذه‭ ‬مؤسسة‭ ‬بحرينية‭ ‬هي‭ ‬مركز‭ ‬الشيخ‭ ‬إبراهيم‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬للثقافة‭ ‬والبحوث،‭ ‬وموّلته‭ ‬جهة‭ ‬سعودية‭ ‬هي‭ ‬مؤسسة‭ ‬الوليد‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يرأس‭ ‬مجلس‭ ‬أمنائها‭ ‬الأمير‭ ‬الوليد‭ ‬بن‭ ‬طلال‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭.‬

وجرى‭ ‬تجديد‭ ‬وترميم‭ ‬منزل‭ ‬تاريخي‭ ‬يملكه‭ ‬السيد‭ ‬صلاح‭ ‬القصيبي،‭ ‬فيما‭ ‬استعان‭ ‬مركز‭ ‬الشيخ‭ ‬إبراهيم‭ ‬بفريق‭ ‬دولي‭ ‬لإظهار‭ ‬الإرث‭ ‬الفكري‭ ‬للقصيبي‭ ‬بأبهى‭ ‬حلّة‭.‬

وتم‭ ‬إحياء‭ ‬البيت‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬“فريج‭ ‬الفاضل”‭ ‬أحد‭ ‬أعرق‭ ‬أحياء‭ ‬العاصمة‭ ‬المنامة،‭ ‬وتوظيفه‭ ‬كمُتحف‭ ‬لمأثورات‭ ‬القصيبي،‭ ‬وأضحى‭ ‬اليوم‭ ‬مزاراً‭ ‬ثقافياً‭ ‬وسياحياً‭ ‬يؤمه‭ ‬الناس‭ ‬ويجدون‭ ‬فيه‭ ‬لمحة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬رجل‭ ‬عظيم‭ ‬ترك‭ ‬بصمات‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬وطنه،‭ ‬وفي‭ ‬البلد‭ ‬الشقيق‭ ‬الذي‭ ‬أحبه‭ ‬واستوطن‭ ‬قلبه‭.‬

بين‭ ‬الأزقة‭ ‬الضيقة‭ ‬العتيقة‭ ‬لحي‭ ‬الفاضل‭ ‬وخلف‭ ‬الجامع‭ ‬الكبير‭ ‬فيه،‭ ‬يقبع‭ ‬هذا‭ ‬البيت‭ ‬الذي‭ ‬صممّ‭ ‬بطريقة‭ ‬عصرية‭ ‬وتفاعلية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬هوية‭ ‬المكان‭ ‬وروح‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬تكسو‭ ‬جدرانه‭ ‬وعمرانه،‭ ‬وعلى‭ ‬واجهة‭ ‬البيت‭ ‬سطرت‭ ‬بحروف‭ ‬كبيرة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬قصائد‭ ‬القصيبي‭ ‬الخالدة‭ ‬التي‭ ‬أودع‭ ‬فيها‭ ‬حبه‭ ‬الكبير‭ ‬للبحرين‭ ‬“الضوء‭ ‬لاح‭.. ‬فديت‭ ‬ضوءك‭ ‬بالسواحل‭ ‬يا‭ ‬منامة،‭ ‬فوق‭ ‬الخليج‭.. ‬أراك‭ ‬زاهية‭ ‬الملامح‭ ‬كابتسامة”‭.‬

زرت‭ ‬المكان‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬البيوت‭ ‬الدافئة‭ ‬لأهالي‭ ‬حي‭ ‬الفاضل‭ ‬وسط‭ ‬المنامة،‭ ‬تجد‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬بعض‭ ‬مقتنيات‭ ‬القصيبي‭ ‬الشخصية‭ ‬خلال‭ ‬مسيرته‭ ‬شاعراً‭ ‬ومثقفاً‭ ‬نافس‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬الفوز‭ ‬بمقعد‭ ‬رئيس‭ ‬منظمة‭ ‬اليونيسكو،‭ ‬وعمله‭ ‬دبلوماسياً‭ ‬ووزيراً‭ ‬ورائداً‭ ‬للعمل‭ ‬الحكومي‭ ‬المنتج‭ ‬والمؤثر،‭ ‬وبفضل‭ ‬مسيرة‭ ‬حافلة‭ ‬ومميزة،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬ذكر‭ ‬القصيبي‭ ‬حاضراً‭ ‬ونابضاً‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأجيال‭ ‬الراهنة‭ ‬رمزاً‭ ‬ومثالاً‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬والعمل،‭ ‬وسيضيف‭ ‬هذا‭ ‬المعلم‭ ‬التوثيقي‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬كاريزما‭ ‬حضوره‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬السعودية‭ ‬والخليجية‭ ‬عموماً‭. ‬“إيلاف”‭.‬

 

“منامة‭ ‬القصيبي”‭ ‬صرح‭ ‬ثقافي‭ ‬مميز‭ ‬يعكس‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين‭.‬