النائب‭ ‬الذي‭ ‬“مدح‭.. ‬يمدح‭.. ‬مدحًا”‭!‬

| سعيد محمد

تبدو‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬البرلمانية،‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬التشريعية،‭ ‬الرقابية،‭ ‬وضع‭ ‬ما‭ ‬تضع‭ ‬من‭ ‬مفردات،‭ ‬تبدو‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬وللكثيرين،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬والإعلاميين‭ ‬والمهتمين،‭ ‬أم‭ ‬من‭ ‬عامة‭ ‬الناس،‭ ‬أن‭ ‬بدايتها‭ ‬لا‭ ‬تبشر‭ ‬بالخير‭! ‬وعلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعطيات‭ ‬“الخطرة”،‭ ‬أولها‭ ‬ضعف‭ ‬شريحة‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬دور‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬صورة‭ ‬واضحة‭ ‬للعيان،‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬بعض‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلسين،‭ ‬في‭ ‬تصريحاتهم‭ ‬ووسائل‭ ‬تواصلهم‭.‬

لا‭ ‬تجد‭ ‬غير‭ ‬المدح‭ ‬والثناء‭ ‬والشكر‭. ‬تقرأ‭ ‬تصريحا‭ ‬لنائب‭ ‬حضر‭ ‬لقاءً‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين،‭ ‬فتجد‭ ‬كمية‭ ‬المدح‭ ‬في‭ ‬المسؤول‭ ‬أكبر‭ ‬وأبعد‭ ‬وأهم‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬ذهب‭ ‬أو‭ ‬اعتقد‭ ‬أنه‭ ‬ذاهب‭ ‬لبحثها‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬المسؤول‭! ‬ولا‭ ‬تأتي‭ ‬مناسبة‭ ‬أو‭ ‬يحدث‭ ‬حدثًا‭ ‬إلا‭ ‬وتجد‭ ‬عبارات‭ ‬الإطراء‭ ‬والمديح‭ ‬والتلميع‭ ‬هي‭ ‬جوهر‭ ‬التصريح‭ ‬أو‭ ‬البيان‭.. ‬لا‭ ‬بأس،‭ ‬فالشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬والثناء‭ ‬لمن‭ ‬يستحق‭ ‬أمر‭ ‬محمود،‭ ‬وتقوية‭ ‬الروابط‭ ‬بين‭ ‬النواب‭ ‬والمسؤولين‭ ‬ومختلف‭ ‬الجهات‭ ‬والقطاعات‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬وهو‭ ‬أصلًا‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬مثمرة‭ ‬وملموسة‭ ‬لقضايا‭ ‬المواطنين،‭ ‬أما‭ ‬المدح‭ ‬ثم‭ ‬المدح‭ ‬ثم‭ ‬المدح،‭ ‬فلا‭ ‬يليق‭ ‬بالسلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬والرقابية‭.‬

وبالمقابل،‭ ‬فإن‭ ‬الصدام‭ ‬والكلام‭ ‬الخشن‭ ‬والملاسنات،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬جلسات‭ ‬المجلس،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬التصريحات‭ ‬الصحافية‭ ‬والبيانات‭ ‬ومقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مقبول‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬فلا‭ ‬فائدة‭ ‬من‭ ‬الفرقعات‭ ‬الإعلامية‭ ‬والخطابات‭ ‬التي‭ ‬تدغدغ‭ ‬مشاعر‭ ‬الناخبين‭ ‬على‭ ‬“فاضي‭ ‬بلاش”‭! ‬وليست‭ ‬“الملفات”‭ ‬المهمة‭ ‬والجديرة‭ ‬بالاهتمام‭ ‬قليلة‭.. ‬إنها‭ ‬كثيرة‭ ‬ومتعددة‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬عملًا‭ ‬ضخمًا‭ ‬لن‭ ‬تكفيه‭ ‬دورة‭ ‬برلمانية‭ ‬واحدة،‭ ‬وهذه‭ ‬الملفات‭ ‬تشغل‭ ‬بال‭ ‬الدولة‭ ‬والمواطن‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.‬

أما‭ ‬بعد،‭ ‬فهناك‭ ‬بعض‭ ‬النواب،‭ ‬سواء‭ ‬ممن‭ ‬ذوي‭ ‬الخبرة‭ ‬السابقة،‭ ‬أم‭ ‬من‭ ‬الجدد،‭ ‬فهم‭ ‬يعملون‭ ‬ويسعون‭ ‬ويبذلون‭ ‬جهدًا‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به‭ ‬وفي‭ ‬صمت،‭ ‬ويضعون‭ ‬اهتمامهم‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بدورهم‭ ‬التشريعي‭ ‬والرقابي،‭ ‬ويتحركون‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬لبحث‭ ‬القضايا‭ ‬اللصيقة‭ ‬بشؤون‭ ‬المواطنين،‭ ‬والخلاصة،‭ ‬أن‭ ‬المدح‭ ‬الزائد‭ ‬عن‭ ‬الحد‭ ‬والصدام‭ ‬الظاهر‭ ‬فوق‭ ‬الحد‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬من‭ ‬ورائه‭ ‬ولا‭ ‬ينفع‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد،‭ ‬إنما‭ ‬الجميع،‭ ‬من‭ ‬الدولة،‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬إلى‭ ‬المواطنين‭ ‬“الناخبين”‭ ‬يتطلعون‭ ‬لأداء‭ ‬تشريعي‭ ‬ورقابي‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تقدم‭ ‬البلد‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭.‬