زبدة القول

سأحضر لك نبيذا فاخرا من الجولان

| د. بثينة خليفة قاسم

“سأحضر‭ ‬لك‭ ‬نبيذا‭ ‬فاخرا‭ ‬من‭ ‬الجولان”،‭ ‬هكذا‭ ‬مازح‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬محتفيا‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬ترامب‭ ‬احتقاره‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وكل‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬الجولان‭ ‬أرض‭ ‬عربية‭ ‬سورية،‭ ‬لقطة‭ ‬قاسية‭ ‬ومستفزة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬بين‭ ‬نتنياهو‭ ‬وترامب‭ ‬وهما‭ ‬يبتسمان‭ ‬ابتسامة‭ ‬النصر‭ ‬ويستهينان‭ ‬بمشاعر‭ ‬العرب‭ ‬أجمعين‭ ‬وليس‭ ‬السوريين‭ ‬فقط‭.‬

هي‭ ‬لقطة‭ ‬تجعلك‭ ‬تلعن‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬والذين‭ ‬صنعوه‭ ‬ألف‭ ‬مرة،‭ ‬فهذه‭ ‬أبرز‭ ‬وأخطر‭ ‬نتائج‭ ‬هذا‭ ‬الربيع‭ ‬الأسود،‭ ‬فهاهو‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬يقولها‭ ‬بملء‭ ‬فمه‭ ‬“لقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لكي‭ ‬نعلن‭ ‬أن‭ ‬الجولان‭ ‬أرض‭ ‬إسرائيلية”،‭ ‬إنها‭ ‬اللحظة‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬يستهين‭ ‬فيها‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬بالعرب‭ ‬ويقدم‭ ‬هدية‭ ‬جديدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬أن‭ ‬القدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ولم‭ ‬يعر‭ ‬أدنى‭ ‬اهتمام‭ ‬لغضب‭ ‬الشعوب‭ ‬الإسلامية‭ ‬والعربية‭.‬

العرب‭ ‬بدون‭ ‬مبالغة‭ ‬يعيشون‭ ‬لحظة‭ ‬ضعف‭ ‬وقلة‭ ‬حيلة‭ ‬لم‭ ‬تحدث‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وكل‭ ‬دولة‭ ‬لديها‭ ‬ما‭ ‬يكفيها‭ ‬ولا‭ ‬سبيل‭ ‬لخلق‭ ‬موقف‭ ‬جماعي‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والعالم،‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬ترامب‭ ‬يخالف‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ويخالف‭ ‬كل‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬وتنطبق‭ ‬عليه‭ ‬مقولة‭ ‬“أعطى‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬لمن‭ ‬لا‭ ‬يستحق”،‭ ‬لكن‭ ‬متى‭ ‬كان‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬تأثير‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬خلفه‭ ‬قوة‭ ‬تحميه‭.‬

 

تاريخ‭ ‬إسرائيل‭ ‬كله‭ ‬مخالف‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬لصالح‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فماذا‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬العرب؟‭ ‬لقد‭ ‬فاض‭ ‬الكيل‭ ‬كما‭ ‬يقولون‭ ‬وانتهى‭ ‬زمن‭ ‬الحياء‭ ‬السياسي‭ ‬وسادت‭ ‬البجاحة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتراجع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬عن‭ ‬قراره‭ ‬ولا‭ ‬نتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬طمعها‭ ‬في‭ ‬أراضي‭ ‬العرب،‭ ‬لكننا‭ ‬نتوقع‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬العنف‭ ‬ويبقى‭ ‬الاضطراب‭ ‬والدم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬طالما‭ ‬ظلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تمارس‭ ‬أطماعها‭ ‬التوسعية‭ ‬وبقيت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تمارس‭ ‬سياسة‭ ‬الكيل‭ ‬بمكيالين‭.‬