ريشة في الهواء

تحت الرماد

| أحمد جمعة

ماذا‭ ‬يختبئ‭ ‬تحت‭ ‬الرماد؟‭ ‬مجتمع‭ ‬صغير،‭ ‬معقد‭ ‬بالإثارة‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬حجمه‭ ‬الجغرافي‭ ‬والبشري،‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬لجزيرة‭ ‬مشرقة‭ ‬متراصة؟‭ ‬مسكونة‭ ‬بالحب‭ ‬والألفة‭ ‬لتضحي‭ ‬بغضون‭ ‬سنوات‭ ‬وجيزة،‭ ‬بركان‭ ‬يغلي‭ ‬بمشكلات‭ ‬اجتماعية‭ ‬ومالية‭ ‬وأزمات‭ ‬بيئية‭ ‬وأمنية‭ ‬وطفرة‭ ‬عكسية‭ ‬بالعلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المتشابكة،‭ ‬وكأنه‭ ‬مجتمع‭ ‬مصغر‭ ‬لمدينة‭ ‬L.A‭ ‬المعقدة،‭ ‬ثمة‭ ‬قصص‭ ‬بالمدارس‭ ‬والجامعات،‭ ‬وأزمات‭ ‬سببها‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل،‭ ‬جرائم‭ ‬وحوادث‭ ‬وعلاقات‭ ‬مشبوهة‭ ‬وتجاوزات،‭ ‬قصص‭ ‬لو‭ ‬رويت‭ ‬قبل‭ ‬عقدين‭ ‬لكانت‭ ‬مجرد‭ ‬حكايات‭ ‬خيالية،‭ ‬ماذا‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الموجة‭ ‬الساخطة‭ ‬من‭ ‬الحوادث‭ ‬والأزمات‭ ‬بمجتمعنا‭ ‬الصغير‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬متآلفاً؟‭ ‬ساحات‭ ‬حروب،‭ ‬صراعات،‭ ‬اختفت‭ ‬قصص‭ ‬النجاحات‭ ‬وطغت‭ ‬قصص‭ ‬الإخفاقات،‭ ‬صار‭ ‬النجاح‭ ‬بالبطاقة‭ ‬والاسم،‭ ‬والتفوق‭ ‬لا‭ ‬يجدي‭ ‬مقابل‭ ‬الوجاهة،‭ ‬تغير‭ ‬وجهك‭ ‬الأليف‭ ‬يا‭ ‬وطني‭ ‬وطلِي‭ ‬بالمكياج‭.‬

انتشار‭ ‬اللهيب،‭ ‬عادات‭ ‬وحشية،‭ ‬ضياع‭ ‬الطفولة،‭ ‬اختفاء‭ ‬الابتسامة،‭ ‬هدير‭ ‬محركات‭ ‬العداوات،‭ ‬تنامي‭ ‬موجات‭ ‬غامضة‭ ‬بعلاقات‭ ‬الناس،‭ ‬وكأنهم‭ ‬من‭ ‬كوكب‭ ‬آخر،‭ ‬دوي‭ ‬تصريحات‭ ‬وشائعات‭ ‬واتهامات‭ ‬متبادلة،‭ ‬فقدان‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المشاعر‭ ‬والأحاسيس،‭ ‬بروز‭ ‬وجوه‭ ‬غريبة‭ ‬ترتدي‭ ‬أقنعة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬غامضة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مكشوفة،‭ ‬قصص‭ ‬تروى‭ ‬بالمدارس‭ ‬وروايات‭ ‬بمراكز‭ ‬الأمن‭ ‬تصلح‭ ‬لمسلسلات‭ ‬درامية،‭ ‬خدش‭ ‬المجتمع‭ ‬الصغير‭ ‬المتآلف،‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬وجذور‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬تجاهلها‭ ‬حتى‭ ‬تولد‭ ‬من‭ ‬شرارتها‭ ‬الخاطفة‭ ‬حريقا‭ ‬يبلغ‭ ‬العمق‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يواجه‭ ‬ويتصدى‭ ‬له‭ ‬بروح‭ ‬ونبض‭ ‬الأجداد‭ ‬والآباء‭ ‬الأولين‭ ‬سيحرق‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‭.‬

لست‭ ‬متشائماً‭ ‬ولا‭ ‬متفائلاً،‭ ‬لست‭ ‬إلا‭ ‬محذراً‭ ‬ومنبهاً‭ ‬لكرة‭ ‬رماد‭ ‬تكبر‭ ‬وتنمو‭ ‬بيننا‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نتحرك‭ ‬جميعا‭ ‬ستولد‭ ‬منها‭ ‬كرة‭ ‬نار‭ ‬يصعب‭ ‬إطفاؤها،‭ ‬يد‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬تصفق،‭ ‬الرئيس‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬يتوانى‭ ‬عن‭ ‬إطفاء‭ ‬الحرائق‭ ‬بكل‭ ‬المسارات‭ ‬والأبعاد،‭ ‬والمبادرات‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يتماسك‭ ‬الجمع‭ ‬ويشدوا‭ ‬من‭ ‬أزر‭ ‬بعضهم،‭ ‬روح‭ ‬الآباء‭ ‬والأجداد‭ ‬يشيعها‭ ‬بيننا‭ ‬الرئيس‭ ‬وهو‭ ‬يطفئ‭ ‬حرائق‭ ‬تنشب‭ ‬كل‭ ‬ساعة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬والسؤال‭ ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬يظل‭ ‬وحده‭ ‬المحرك‭ ‬للمبادرات؟

لا‭ ‬تكفي‭ ‬الشعارات‭ ‬دون‭ ‬الأفعال،‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬الأقوال‭ ‬بلا‭ ‬تطبيقات،‭ ‬لا‭ ‬تنفع‭ ‬الصلاة‭ ‬بلا‭ ‬أخلاق،‭ ‬لا‭ ‬تنطفئ‭ ‬النار‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تحكم‭ ‬الشرارات،‭ ‬السيطرة‭ ‬فقدت‭ ‬حين‭ ‬انتشرت‭ ‬التجاوزات،‭ ‬هذه‭ ‬الجزيرة‭ ‬بحاجة‭ ‬لروح‭ ‬الأجداد‭ ‬لتسير‭ ‬الأجيال‭ ‬بالحكمة،‭ ‬هذه‭ ‬الجزيرة‭ ‬الباسمة‭ ‬ذات‭ ‬مرة،‭ ‬بحاجة‭ ‬لروح‭ ‬الرئيس‭ ‬ونبراسه‭ ‬وتقاليد‭ ‬أدائه‭ ‬عبر‭ ‬السنين،‭ ‬مع‭ ‬القبضة‭ ‬القوية‭ ‬تكون‭ ‬اللمسة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬تكمن‭ ‬روح‭ ‬شيطانية،‭ ‬وبالتفاصيل‭ ‬الأخرى‭ ‬تكمن‭ ‬السعادة‭. ‬للخير‭ ‬وجه‭ ‬واحد،‭ ‬وللشر‭ ‬وجوه‭ ‬عدة،‭ ‬فلا‭ ‬ننخدع‭ ‬ولا‭ ‬نيأس‭ ‬ولكن‭ ‬لنتآلف‭ ‬وننسجم‭ ‬ونزيل‭ ‬جدار‭ ‬الغربة‭ ‬عن‭ ‬وجه‭ ‬الإنسان‭ ‬حتى‭ ‬نزرع‭ ‬الابتسامة‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

 

تنويرة‭: ‬الحج‭ ‬داخل‭ ‬الذات‭ ‬أسمى‭.‬