رؤيا مغايرة

هل‭ ‬أصبح‭ ‬ترامب‭ ‬تاجر‭ ‬عقارات؟‭!‬

| فاتن حمزة

قام‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بتوقيع‭ ‬إعلان‭ ‬تعترف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بموجبه‭ ‬بسيادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬“الكاملة”‭ ‬على‭ ‬مرتفعات‭ ‬الجولان،‭ ‬والتي‭ ‬استولت‭ ‬عليها‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬وضمتها‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬1981،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بها‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭. ‬وقال‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وإلى‭ ‬جانبه‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬“لقد‭ ‬جرى‭ ‬التخطيط‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر‭ ‬منذ‭ ‬فترة”،‭ ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬خروجا‭ ‬على‭ ‬الإجماع‭ ‬الدولي‭.‬

ووصف‭ ‬نتنياهو‭ ‬الاعتراف‭ ‬بـ‭ ‬“التاريخي”‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬مرتفعات‭ ‬الجولان‭ ‬ستظل‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وقال‭ ‬“لن‭ ‬نتخلى‭ ‬عنها‭ ‬أبدا”‭. ‬وخاطب‭ ‬ترامب‭ ‬قائلا‭ ‬“يأتي‭ ‬إعلانكم‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬أصبحت‭ ‬فيه‭ ‬الجولان‭ ‬أهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأمننا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬سابق”‭.‬

لقد‭ ‬أعطى‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭! ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬موقف‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬نفسه‭ ‬منذ‭ ‬الأسد‭ ‬الأب‭ ‬من‭ ‬الجولان‭ ‬وما‭ ‬صاحبته‭ ‬من‭ ‬تنازلات‭ ‬وخيانات‭ ‬ومؤامرات،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬شئنا‭ ‬لقلنا‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحاً‭ ‬إن‭ ‬الأسد‭ ‬باع‭ ‬الجولان‭ ‬لإسرائيل‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يبيعها‭ ‬لترامب،‭ ‬باعها‭ ‬لأنها‭ ‬دعمت‭ ‬انقلابه‭ ‬وساعدته‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحكم،‭ ‬ونظامه‭ ‬لم‭ ‬يطلق‭ ‬رصاصة‭ ‬واحدة‭ ‬منذ‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬حزيران‭ ‬1967م،‭ ‬ولسنا‭ ‬في‭ ‬وارد‭ ‬الكلام‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬وما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أخذ‭ ‬ورد‭ ‬وقيل‭ ‬وقال‭. ‬قرار‭ ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬الأمر‭ ‬شيئا،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ترامب‭ ‬نفسه‭ ‬ومعه‭ ‬نتنياهو،‭ ‬خطوته‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمسائل‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬الانتخابات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬القادمة‭.‬

شأن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬كشأن‭ ‬التي‭ ‬سبقتها،‭ ‬أي‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬الأميركية،‭ ‬وجودها‭ ‬كعدمها،‭ ‬خطوة‭ ‬ترامب‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬ازدراء‭ ‬بالعرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬وتنبئ‭ ‬بتواطؤ‭ ‬البعض‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬بني‭ ‬جلدتنا‭. ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬كشأن‭ ‬طبقة‭ ‬رجال‭ ‬الأكليروس‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الأوروبية‭ ‬المظلمة‭ ‬حيث‭ ‬كانوا‭ ‬يبيعون‭ ‬أراض‭ ‬في‭ ‬الجنة،‭ ‬فلا‭ ‬هم‭ ‬يملكون‭ ‬فيها‭ ‬شيئا‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬أعطوه‭ ‬يستحقها‭! ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬الحق‭ ‬والأهلية‭ ‬القانونية‭ ‬لتشريع‭ ‬الاحتلال‭ ‬واغتصاب‭ ‬أراضي‭ ‬الغير‭ ‬بالقوة،‭ ‬ولن‭ ‬يؤثر‭ ‬قراره‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬عزلة‭ ‬أميركا‭. ‬شاؤوا‭ ‬أم‭ ‬أبوا‭ ‬ستبقى‭ ‬“الجولان‭ ‬أرضا‭ ‬سورية‭ ‬محتلة”،‭ ‬حقيقة‭ ‬لن‭ ‬يغيرها‭ ‬ترامب‭ ‬ولا‭ ‬غيره،‭ ‬والأهم‭ ‬اليوم‭ ‬موقف‭ ‬الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬بأن‭ ‬تتجاوز‭ ‬مرحلة‭ ‬الشجب‭ ‬والاستنكار‭ ‬لتخطو‭ ‬نحو‭ ‬الحق‭ ‬بخطوات‭ ‬شجاعة‭ ‬يوثقها‭ ‬التاريخ‭.‬