العمل العربي المُشترك

| عبدعلي الغسرة

جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تنظيم‭ ‬إقليمي‭ ‬عربي‭ ‬رسمي‭ ‬تأسس‭ ‬للم‭ ‬الجهود‭ ‬العربية‭ ‬وتنسيق‭ ‬مواقفها‭ ‬وبذل‭ ‬التعاون‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬مع‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬وعدم‭ ‬الاعتداء‭ ‬عليها‭ ‬والدفاع‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬عدوانٍ،‭ ‬وأصبحت‭ ‬الجامعة‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬مُجرد‭ ‬جهاز‭ ‬للتنسيق‭ ‬والتشاور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مُنظماتها‭ ‬ولجانها‭ ‬المتخصصة‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬القومي‭ ‬الأساسي‭ ‬وهو‭ ‬الوحدة‭ ‬العربية،‭ ‬ما‭ ‬عمق‭ ‬القُطرية‭ ‬وكرس‭ ‬التجزئة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬ثمرة‭ ‬من‭ ‬ثمرات‭ ‬العمل‭ ‬العشوائي‭ ‬العربي‭ ‬وتدخل‭ ‬القوى‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬غرست‭ ‬بذور‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تداعياتها‭ ‬قائمة‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭.‬

تتميز‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬بسمات‭ ‬وصفات‭ ‬تاريخية‭ ‬وسياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬ولَغَوية‭ ‬تجعل‭ ‬منها‭ ‬جغرافية‭ ‬واحدة‭ ‬وقوةً‭ ‬مُهابة،‭ ‬جغرافية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬النهوض‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وقوة‭ ‬لتصبح‭ ‬حصنًا‭ ‬وسدًا‭ ‬منيعًا،‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقلال‭ ‬والأمن‭ ‬والسيادة‭ ‬والتنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬المُستدامة‭ ‬بما‭ ‬يُحقق‭ ‬التكامل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬واقعنا‭ ‬العربي‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬أقطارنا‭ ‬العربية‭ ‬كيانات‭ ‬مُنفردة‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬إمكانيات‭ ‬النهوض‭ ‬السياسي‭ ‬ومتعثرة‭ ‬اقتصاديًا‭.‬

وبعد‭ (‬74‭) ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬تأسيس‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مازالت‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬أتون‭ ‬الصراعات‭ ‬الداخلية‭ ‬والبينية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬ولم‭ ‬يتحقق‭ ‬حُلم‭ ‬الوحدة‭ ‬العربية‭ ‬ولم‭ ‬يبزغ‭ ‬ضوء‭ ‬التكامل‭ ‬العربي‭ ‬المُشترك،‭ ‬ولم‭ ‬تستطع‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬أمنًا‭ ‬عربيًا‭ ‬لوطننا‭ ‬العربي،‭ ‬وحققت‭ ‬تعاونًا‭ ‬ضئيلًا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المجالات،‭ ‬وتعثرت‭ ‬في‭ ‬أكثرها‭.‬

إن‭ ‬جميع‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬وجهود‭ ‬إدارة‭ ‬الجامعة‭ ‬الكبيرة‭ ‬ولجانها‭ ‬المُتخصصة‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العربي‭ ‬المنشود‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ما‭ ‬يملكه‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬وثروات،‭ ‬ولم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تعالج‭ ‬أيًا‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬العربية،‭ ‬إن‭ ‬مقياس‭ ‬نجاح‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬على‭ ‬أساسها،‭ ‬ومازال‭ ‬الواقع‭ ‬العربي‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬العربية‭ ‬والتي‭ ‬تتطلب‭ ‬إرادة‭ ‬عربية‭ ‬حازمة‭ ‬ومستقلة،‭ ‬وقدرة‭ ‬عربية‭ ‬قوية‭ ‬فاعلة،‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬التضامن‭ ‬والتعاون‭ ‬الجاد‭ ‬بين‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬وصولا‭ ‬لتحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭.‬