“اسمعونا... ولو لمرة”

| زهير توفيقي

لا‭ ‬أعرف‭ ‬كيف‭ ‬أبدأ‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬أبدأ،‭ ‬فلطالما‭ ‬تساءلت‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬نفسي،‭ ‬ككاتب‭ ‬عمود،‭ ‬عمّا‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬فيما‭ ‬أطرحه‭ ‬من‭ ‬مواضيع‭ ‬وقضايا؟‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الجواب‭ ‬نعم،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬آذانا‭ ‬صاغية‭ ‬سواء‭ ‬لي‭ ‬أو‭ ‬لغيري‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬الأعمدة‭. ‬أقولها‭ ‬بكل‭ ‬صراحة،‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬نطرحه‭ ‬في‭ ‬مقالاتنا‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬والاقتراحات‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬أحرص‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬وخير‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬المواطن‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬يبذل‭ ‬الغالي‭ ‬والنفيس‭ ‬ليرى‭ ‬وطنه‭ ‬الأفضل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

اعتدت‭ ‬على‭ ‬وصف‭ ‬كتّاب‭ ‬الأعمدة‭ ‬بالمستشارين،‭ ‬فنحن‭ ‬نقدم‭ ‬لأصحاب‭ ‬الشأن‭ ‬أفكاراً‭ ‬واقتراحات‭ ‬دون‭ ‬مقابل،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬أيّ‭ ‬اهتمام‭ ‬يُذكر‭ ‬حيال‭ ‬ما‭ ‬نكتب،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬تواصلا‭ ‬أو‭ ‬اتصالا‭ ‬لمعرفة‭ ‬التفاصيل‭. ‬صدقوني‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تطبيق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الاقتراحات‭ ‬التي‭ ‬نُشير‭ ‬إليها،‭ ‬فالشكر‭ ‬والثناء‭ ‬سيذهب‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الجهة‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬استجابت‭ ‬ولن‭ ‬يتذكر‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬الفلاني‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬قدّم‭ ‬الاقتراح،‭ ‬اللهم‭ ‬لا‭ ‬اعتراض،‭ ‬فالمسؤول‭ ‬الذكي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يتابع‭ ‬أو‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬عمله‭ ‬متابعة‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تداوله‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬عن‭ ‬إدارته‭ ‬أو‭ ‬وزارته‭.‬

وجه‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬المسؤولين‭ ‬مراراً‭ ‬وتكراراً‭ ‬بضرورة‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الصحافة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة‭ ‬لحل‭ ‬مشاكل‭ ‬المواطنين،‭ ‬فهناك‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬لا‭ ‬يرقى‭ ‬أداؤهم‭ ‬أبداً‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الطموحات،‭ ‬فنحن‭ ‬لا‭ ‬نشجع‭ ‬للأسف‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الشرقية‭ ‬ولا‭ ‬نُبارك‭ ‬العمل‭ ‬الجيّد‭ ‬والأفكار‭ ‬الخلاقّة،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تماماً،‭ ‬نحن‭ ‬نتفنن‭ ‬في‭ ‬إحباط‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جيّد‭ ‬وخلاق،‭ ‬نقتل‭ ‬تلك‭ ‬الأفكار‭ ‬النيرّة،‭ ‬نعم‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الشرقية‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬ينتقد‭ ‬هو‭ ‬شخص‭ ‬سيئ‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬نعتبره‭ ‬شخصاً‭ ‬أميناً‭ ‬صادقاً‭ ‬ومحباً‭ ‬لوطنه‭. ‬

من‭ ‬الضروري‭ ‬جداً‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬معاً‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خلق‭ ‬ثقافة‭ ‬تقبل‭ ‬الرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬وأن‭ ‬نزرع‭ ‬الثقة‭ ‬لدى‭ ‬الكتّاب،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬نقوم‭ ‬بمكافأتهم‭ ‬على‭ ‬تفانيهم‭ ‬وإخلاصهم‭ ‬لوطنهم‭ ‬الغالي،‭ ‬فالمواطنة‭ ‬الصالحة‭ ‬تتم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬احترام‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬الأخرى‭ ‬بكل‭ ‬إيجابية‭ ‬وحب‭ ‬وتقدير‭... ‬يتلقى‭ ‬كاتب‭ ‬هذا‭ ‬العمود‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المكالمات‭ ‬الهاتفية‭ ‬والرسائل‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬حالة‭ ‬الإحباط‭ ‬التي‭ ‬يعانون‭ ‬منها،‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬ألومهم‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬لا‭ ‬يلتفتون‭ ‬ولا‭ ‬يريدون‭ ‬أصلاً‭ ‬تغيير‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬فكما‭ ‬يقول‭ ‬مثلنا‭ ‬الشعبي‭ (‬تأذن‭ ‬في‭ ‬خرابة‭). ‬لكنني‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تعاطفي‭ ‬الكبير‭ ‬معهم،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يثنيني‭ ‬أبداً‭ ‬عن‭ ‬المضي‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مفيد‭ ‬ويساعد‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬الخدمات‭ ‬والبرامج‭ ‬المقدمّة‭ ‬للمواطنين‭ ‬والوافدين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.‬‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬رسائل‭ ‬الشكر‭ ‬والثناء‭ ‬التي‭ ‬أتلقاها‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الأوفياء‭ ‬لها‭ ‬وقع‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬نفسي،‭ ‬وتمنحني‭ ‬الدافع‭ ‬القوّي‭ ‬لمواصلة‭ ‬الكتابة،‭ ‬إنهم‭ ‬من‭ ‬يشجعني‭ ‬ويحفزني‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬الكتابة‭ ‬لجعل‭ ‬بلادي‭ ‬أجمل‭ ‬وأفضل‭ ‬وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬ما‭ ‬تسعى‭ ‬له‭ ‬حكومتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬وقيادتنا‭ ‬الموقرة‭.‬