المواطنة تبدأ بالشعور بالآخرين

| أحمد خليفة الحمادي

لا‭ ‬يقتصر‭ ‬معنى‭ ‬المواطنة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الشركة‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬مبادرات‭ ‬فعل‭ ‬الخير،‭ ‬إنما‭ ‬يشمل‭ ‬التصرف‭ ‬إلى‭ ‬تسخير‭ ‬ما‭ ‬لدينا‭ ‬من‭ ‬طاقة‭ ‬وموارد‭ ‬وخبرات‭ ‬فريدة‭ ‬لإيجاد‭ ‬فرص‭ ‬تساعد‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحدثوا‭ ‬أثراً‭ ‬إيجابيًا‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬وحياتهم‭ ‬الخاصة،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاءت‭ ‬مبادرة‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بقسم‭ ‬المسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمواطنة‭ ‬بحملة‭ ‬“أريد‭ ‬أن‭ ‬أسمع”،‭ ‬وما‭ ‬احتوته‭ ‬من‭ ‬عبارات‭ ‬تحفيزية‭ ‬مثل‭ ‬“تخلى‭ ‬عن‭ ‬كوب‭ ‬واحد”‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإسهام‭ ‬بالتبرع‭ ‬لتلك‭ ‬المبادرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم،‭ ‬جذبني‭ ‬هذا‭ ‬العنوان‭ ‬وتوقفت‭ ‬كثيراً،‭ ‬لأن‭ ‬الاختيار‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إسعاد‭ ‬الآخرين،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬الإسهام‭ ‬بشراء‭ ‬سماعات‭ ‬طبية‭ ‬لكل‭ ‬طفل‭ ‬سعودي‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها،‭ ‬وهي‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬فرصة‭ ‬رائعة‭ ‬تأخذ‭ ‬أبعادا‭ ‬إنسانية‭ ‬وذاتية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مشاركة‭ ‬الموظفين‭ ‬بأن‭ ‬يجودوا‭ ‬بكرمهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭.‬

وهذه‭ ‬هي‭ ‬المواطنة‭ ‬التي‭ ‬تبدأ‭ ‬بالشعور‭ ‬بالآخرين‭ ‬ومعاناتهم،‭ ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬هذه‭ ‬الحملة‭ ‬أيضًا‭ ‬ضمنا‭ ‬إلى‭ ‬توعية‭ ‬المجتمع‭ ‬وخصوصاً‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬والأطفال،‭ ‬وتنبههم‭ ‬إلى‭ ‬الاستخدام‭ ‬الصحيح‭ ‬للأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬المسموعة‭ ‬بأنواعها،‭ ‬وضرورة‭ ‬العناية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬بحاسة‭ ‬السمع،‭ ‬حيث‭ ‬نشاهد‭ ‬كثيراً‭ ‬منهم‭ ‬وبشكل‭ ‬يومي‭ ‬يستخدم‭ ‬سماعات‭ ‬الأذن‭ ‬للاستماع‭ ‬لأجهزة‭ ‬الهواتف‭ ‬والراديو‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬بطريقة‭ ‬خاطئة‭ ‬وخصوصا‭ ‬عند‭ ‬قيادة‭ ‬المركبة‭ ‬وهذا‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬سمعهم‭ ‬وحياتهم‭ ‬أيضا،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رفع‭ ‬الصوت‭ ‬لأقصى‭ ‬حد،‭ ‬وهذا‭ ‬الاستخدام‭ ‬ثبت‭ ‬طبياً‭ ‬أنه‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬للصمم‭ ‬وضعف‭ ‬السمع،‭ ‬فهؤلاء‭ ‬هم‭ ‬الجيل‭ ‬الصاعد‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬وطننا‭ ‬الذين‭ ‬يتطلع‭ ‬إليهم‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

إن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬إسعاد‭ ‬ومساعدة‭ ‬الآخرين‭ ‬سعادة‭ ‬للمعطي‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيرًا،‭ ‬وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النماذج‭ ‬التي‭ ‬نسمع‭ ‬أو‭ ‬نقرأ‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الثروات‭ ‬العالمية‭ ‬حيث‭ ‬نتفاجأ‭ ‬بأنهم‭ ‬يتبرعون‭ ‬بمقدار‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬ثرواتهم‭ ‬للعمل‭ ‬الإنساني،‭ ‬وعندما‭ ‬يسألون‭ ‬عن‭ ‬السبب،‭ ‬ردهم‭ ‬أنهم‭ ‬سعداء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الفكرة‭ ‬ومشاركة‭ ‬مجتمعهم‭.‬

كيف‭ ‬لا،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الإسلامية‭ ‬نعتز‭ ‬بقيمنا‭ ‬التي‭ ‬يحثنا‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬بعضنا،‭ ‬والسعي‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الآخرين‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني،‭ ‬وهذه‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬فرصة‭ ‬ثمينة‭ ‬لتوضيح‭ ‬أهمية‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬فعل‭ ‬الخير‭ ‬لأبنائنا‭ ‬خصوصاً‭ ‬الصغار‭ ‬منهم‭ ‬حتى‭ ‬نغرس‭ ‬فيهم‭ ‬حب‭ ‬الخير‭ ‬والعمل‭ ‬الصالح‭ ‬الطيب‭ ‬والمبادرة‭ ‬بفعله‭ ‬دون‭ ‬تردد‭.‬

ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬النظرة‭ ‬الجديدة‭ ‬للعطاء‭ ‬تبدأ‭ ‬بغرز‭ ‬مفهوم‭ ‬المواطنة‭ ‬للجيل‭ ‬الجديد‭ ‬وبذل‭ ‬الجهد‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بلا‭ ‬مقابل،‭ ‬حتى‭ ‬يشعر‭ ‬بتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬نحو‭ ‬نفسه‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬مجتمعه،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬سيؤثر‭ ‬في‭ ‬عطائه‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬وحياته‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وبناء‭ ‬تكامل‭ ‬الشخصية،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬يبدأ‭ ‬الإحساس‭ ‬بالمواطنة‭ ‬والشعور‭ ‬بالآخرين‭.‬

 

“المواطنة‭ ‬تبدأ‭ ‬بالشعور‭ ‬بالآخرين‭ ‬ومعاناتهم،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الإسلامية‭ ‬نعتز‭ ‬بقيمنا،‭ ‬ويحثنا‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬بعضنا”‭.‬