ياسمينيات

“الفخ” وأموال الموظفين

| ياسمين خلف

النية‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬مبيتة،‭ ‬فلم‭ ‬يُعلن‭ ‬عن‭ ‬برنامج‭ ‬التقاعد‭ ‬الاختياري‭ ‬إلا‭ ‬وقد‭ ‬وضع‭ ‬بموازاته‭ ‬“صندوق‭ ‬التعطل”،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كذلك،‭ ‬فكيف‭ ‬سيتم‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬التمويل‭ ‬الذي‭ ‬يغطي‭ ‬مصروفات‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭! ‬أيعقل‭ ‬أن‭ ‬يُشجع‭ ‬موظفو‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬وظائفهم‭ ‬دون‭ ‬تأمين‭ ‬حقوقهم‭ ‬التقاعدية؟‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬صحيحاً‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬البرنامج‭ ‬“فخ”‭ ‬نصب‭ ‬للموظفين،‭ ‬ولا‭ ‬نعلم‭ ‬أي‭ ‬مستقبل‭ ‬غامض‭ ‬ينتظرهم‭. ‬

تمويل‭ ‬برنامج‭ ‬التقاعد‭ ‬الاختياري‭ ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬بدل‭ ‬التعطل‭ ‬صفعة‭ ‬للموظفين‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬اقتطاع‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬رواتبهم‭ ‬طوال‭ ‬11‭ ‬عاماً‭ ‬دون‭ ‬رضاهم،‭ ‬والعاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الذين‭ ‬استفادوا‭ ‬بالنزر‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يستفد‭ ‬بتاتاً‭ ‬منه‭.‬

فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬آخذ‭ ‬أموالك‭ - ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬حتى‭ ‬برضاك‭ ‬–‭ ‬وأصرفها‭ ‬في‭ ‬أوجه‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬عنها‭ ‬شيئاً،‭ ‬وإن‭ ‬علمت‭ ‬فليس‭ ‬لك‭ ‬حق‭ ‬الرفض‭ ‬أو‭ ‬الموافقة‭! ‬فإعانة‭ ‬العاطل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬أعينه‭ ‬لستة‭ ‬أشهر،‭ ‬وأتوقف‭ ‬بعدها‭ ‬وكأن‭ ‬حاجته‭ ‬لمصدر‭ ‬للدخل‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬تلك‭ ‬الأشهر‭ ‬وبعدها‭ ‬ستتساقط‭ ‬عليه‭ ‬الأموال‭ ‬من‭ ‬السماء‭! ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إعانة‭ ‬العاطل‭ ‬بـ‭ ‬150‭ ‬ديناراً‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬شيئاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬وطالما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬فائض‭ ‬في‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬بدل‭ ‬التعطل،‭ ‬فالعاطل‭ ‬أولى‭ ‬أن‭ ‬يستفيد‭ ‬منها،‭ ‬إما‭ ‬بتمديد‭ ‬فترة‭ ‬استحقاقه‭ ‬الإعانة‭ ‬حتى‭ ‬يجد‭ ‬عملاً،‭ ‬أو‭ ‬بزيادة‭ ‬مبلغ‭ ‬الإعانة،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يُضيق‭ ‬على‭ ‬العاطل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬صندوق‭ ‬نُذر‭ ‬لمساعدتهم‭ ‬ويعاني‭ ‬من‭ ‬التُخمة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المتربصين‭ ‬به‭ ‬جعلوا‭ ‬منه‭ ‬صندوقا‭ ‬لتمويل‭ ‬مشاريع‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالعاطلين،‭ ‬كمن‭ ‬يجمع‭ ‬التبرعات‭ ‬باسم‭ ‬ضحايا‭ ‬الحرب،‭ ‬ويرسل‭ ‬جزءا‭ ‬يسيرا‭ ‬منها‭ ‬لأسر‭ ‬الضحايا،‭ ‬ليقيم‭ ‬بالمبلغ‭ ‬الأكبر‭ ‬حفلاً‭ ‬راقصاً‭!‬

ثمانون‭ ‬مليوناً‭ ‬كمبلغ‭ ‬فائض‭ ‬سنوياً‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يخلق‭ ‬مشاريع‭ ‬تُشغل‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وتكون‭ ‬مصدراً‭ ‬لاستثمار‭ ‬الأموال‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬وأن‭ ‬يحفظ‭ ‬ماء‭ ‬وجه‭ ‬العاطلين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬تدخل‭ ‬الدنانير‭ ‬جيبهم‭ ‬حتى‭ ‬خرجت‭ ‬لمصروفات‭ ‬والتزامات‭ ‬تزيد‭ ‬بضعفين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ،‭ ‬فليس‭ ‬كل‭ ‬عاطل‭ ‬أعزب،‭ ‬وليس‭ ‬كل‭ ‬عاطل‭ ‬وراءه‭ ‬من‭ ‬يعوله‭.   ‬

 

ياسمينة‭:

‬ليس‭ ‬من‭ ‬حقكم‭ ‬التطاول‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬صندوق‭ ‬التعطل،‭ ‬فالعاطلون‭ ‬أولى‭.‬