عدم المساواة بين الجنسين

| د. جاسم حاجي

قضية‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬لا‭ ‬تؤثر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬النساء،‭ ‬فعندما‭ ‬يُحرم‭ ‬نصف‭ ‬سكان‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬من‭ ‬إمكاناتهم‭ ‬الكاملة،‭ ‬يكون‭ ‬العالم‭ ‬ككل‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬غير‭ ‬مؤات‭ ‬بشكل‭ ‬هائل،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬الوعي‭ ‬بالقضايا‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬المرأة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التقدم‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجبهة‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬متوقفًا‭.‬‭ ‬يقيس‭ ‬مؤشر‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬العالمي‭ ‬الفروق‭ ‬بين‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬مجالات‭ ‬رئيسية‭: ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والسياسة،‭ ‬ووفقا‭ ‬لتحليل‭ ‬المنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬لـ‭ ‬144‭ ‬دولة،‭ ‬تعاني‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬فجوة‭ ‬في‭ ‬الأجور،‭ ‬ومع‭ ‬المعدل‭ ‬الحالي‭ ‬للتقدم،‭ ‬تقدر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬سيستغرق‭ ‬100‭ ‬سنة‭ ‬أخرى‭ ‬لسد‭ ‬الفجوة،‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬مجرد‭ ‬لقطة‭ ‬صغيرة‭ ‬لصورة‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬تتضمن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬التحرش‭ ‬الجنسي‭ ‬إلى‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬الثقافية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمعايير‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬للتفاؤل‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمستقبل‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬وتوفر‭ ‬لنا‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الأدوات‭ ‬اللازمة‭ ‬لمعالجة‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬وتمكين‭ ‬المرأة‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التفسيرات‭ ‬للفجوة‭ ‬في‭ ‬الأجور‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬فإن‭ ‬أحد‭ ‬العوامل‭ ‬الرئيسية‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬كمقدمة‭ ‬للرعاية،‭ ‬فوفقا‭ ‬لدراسات‭ ‬مختلفة‭ ‬هناك‭ ‬انخفاض‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬دخل‭ ‬المرأة‭ (‬الرجال‭ ‬في‭ ‬المقارنة‭ ‬لا‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الانخفاض‭) ‬بعد‭ ‬ولادة‭ ‬الطفل‭ ‬الأول،‭ ‬هذا‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬تراكمي‭ ‬هائل‭ ‬على‭ ‬فجوة‭ ‬الأجور‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬ككل،‭ ‬وتقل‭ ‬احتمالية‭ ‬حصول‭ ‬الأمهات‭ ‬على‭ ‬وظائف‭ ‬مع‭ ‬سفر‭ ‬كثير‭ ‬وساعات‭ ‬طويلة‭ ‬بسبب‭ ‬التصورات‭ ‬السلبية‭ ‬حول‭ ‬قدرتهن‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليات‭ ‬أكبر،‭ ‬مشكلة‭ ‬رئيسية‭ ‬أخرى‭ ‬هي‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬مرونة‭ ‬العمل‭ ‬لمقدمي‭ ‬الرعاية‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬خيارات‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬أو‭ ‬ساعات‭ ‬عمل‭ ‬مرنة‭. ‬توفر‭ ‬القوة‭ ‬العاملة‭ ‬الناشئة‭ ‬المؤقتة‭ ‬حلاً‭ ‬تشتد‭ ‬الحاجة‭ ‬إليه‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬كسر‭ ‬الحواجز‭ ‬المادية‭ ‬والجغرافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬داخل‭ ‬القوى‭ ‬العاملة،‭ ‬وتسمح‭ ‬منصات‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬لملايين‭ ‬النساء‭ ‬بالعمل‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬منصات‭ ‬مثل‭ !‬SheWorks‭ ‬و‭ ‬PowerToFly‭ ‬تتيح‭ ‬للنساء‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬مثيرة‭ ‬وعن‭ ‬بعد‭ ‬مع‭ ‬السماح‭ ‬للشركات‭ ‬بإدارة‭ ‬قوتها‭ ‬العاملة‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬بشفافية‭ ‬ومساءلة‭.‬

ومن‭ ‬المستحيل‭ ‬تجاهل‭ ‬فجوة‭ ‬العمالة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬حيث‭ ‬تحصل‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬28‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬شهادات‭ ‬علوم‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬ويشغلن‭ ‬25‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬وظائف‭ ‬الحوسبة‭ ‬و11‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬المناصب‭ ‬التنفيذية‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون‭ (‬Silicon Valley‭). ‬يساهم‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬خبيثة‭ ‬حيث‭ ‬تمنع‭ ‬النساء‭ ‬الشابات‭ ‬الأخريات‭ ‬من‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬الصناعة‭ ‬بسبب‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬الإلهام‭ ‬أو‭ ‬القدوة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬نظام‭ ‬الدعم‭.‬