سوالف

ظاهرة التسول في وتيرة تصاعدية

| أسامة الماجد

لقد‭ ‬انتشرت‭ ‬ظاهرة‭ ‬“تسول‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬محددة”‭ ‬بشكل‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الشعبي‭ ‬ومجمع‭ ‬المدينة،‭ ‬وكل‭ ‬المؤشرات‭ ‬والحقائق‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬صدق‭ ‬ونية‭ ‬المتسولات‭ ‬اللاتي‭ ‬يستخدمن‭ ‬أساليب‭ ‬وخطابات‭ ‬معتادة‭ ‬لإثارة‭ ‬الشفقة‭ ‬مصطحبات‭ ‬أطفالهن‭ ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬استغلال‭ ‬للطفولة‭ ‬لتجنيدهم‭ ‬في‭ ‬الشوارع،‭ ‬وكأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬موضة‭ ‬جديدة،‭ ‬فهناك‭ ‬نساء‭ ‬تختلف‭ ‬أعمارهن‭ ‬يدعين‭ ‬أنهن‭ ‬يعلن‭ ‬أطفالا‭ ‬يتامى‭ ‬وبحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬المال،‭ ‬والبعض‭ ‬يردد‭ ‬أسطوانة‭ ‬“الكهرباء‭ ‬بيقطعونها”‭ ‬حتى‭ ‬دون‭ ‬إبراز‭ ‬فاتورة‭ ‬الكهرباء،‭ ‬وشخصيا‭ ‬صادفت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬موقف‭ ‬عند‭ ‬مدخل‭ ‬السوق‭ ‬الشعبي‭ ‬الذي‭ ‬يعتبرونه‭ ‬مصدرا‭ ‬للرزق،‭ ‬فقد‭ ‬استوقفتني‭ ‬امرأة‭ ‬“من‭ ‬جنسية‭ ‬عربية”‭ ‬مع‭ ‬طفلة‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬عمرها‭ ‬8‭ ‬أعوام،‭ ‬وعندما‭ ‬سألتها‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬حاجتها‭ ‬للمال‭ ‬قالت‭.. ‬زوجي‭ ‬توفي‭ ‬ولا‭ ‬أجد‭ ‬من‭ ‬يعيل‭ ‬هذه‭ ‬الطفلة،‭ ‬سألتها‭ ‬أين‭ ‬يعمل‭ ‬زوجك‭ ‬وهل‭ ‬تستلمين‭ ‬راتبه‭ ‬التقاعدي؟‭ ‬تجولت‭ ‬بعينها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جهة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬وارتبكت‭ ‬ولم‭ ‬تجب،‭ ‬فأدركت‭ ‬حينها‭ ‬أنها‭ ‬ماهرة‭ ‬في‭ ‬تسلق‭ ‬جدران‭ ‬الكذب‭ ‬واستغلال‭ ‬الناس‭.‬

وقبل‭ ‬فترة‭ ‬شاهدت‭ ‬امرأة‭ ‬تتسول‭ ‬أمام‭ ‬المركز‭ ‬اللبناني،‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لم‭ ‬أعرها‭ ‬اهتماما‭ ‬فنحن‭ ‬معتادون‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأشكال،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬جعلني‭ ‬أدور‭ ‬حول‭ ‬نفسي‭ ‬دورتين‭ ‬وآخذ‭ ‬نفسا‭ ‬عميقا‭ ‬وأخرجه‭ ‬ببطء،‭ ‬هو‭ ‬ركوبها‭ ‬في‭ ‬سيارة‭ ‬“كامري”‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬2012‭ ‬تقريبا‭ ‬كانت‭ ‬مركونة‭ ‬بعيدا‭ ‬“للتمويه”،‭ ‬فقد‭ ‬تابعتها‭ ‬وهي‭ ‬تستوقف‭ ‬المارة‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬حظتها‭ ‬تمشي‭ ‬مسرعة‭ ‬تجاه‭ ‬“الكراجات”‭ ‬وانتهت‭ ‬خطواتها‭ ‬إلى‭ ‬السيارة،‭ ‬هدأت‭ ‬أنفاسي‭ ‬وأدركت‭ ‬حينها‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المرأة‭ ‬ليست‭ ‬متسولة‭!‬

من‭ ‬السهولة‭ ‬التفريق‭ ‬بين‭ ‬الفقير‭ ‬الحقيقي‭ ‬والمزيف،‭ ‬لكننا‭ ‬نتحدث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬عصابات‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬عند‭ ‬الإشارات‭ ‬وأبواب‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬والمساجد‭ ‬والأسواق‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬في‭ ‬وتيرة‭ ‬تصاعدية‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الرقابة‭ ‬والحملات‭ ‬الأمنية،‭ ‬لذلك‭ ‬نهيب‭ ‬بالجهات‭ ‬المختصة‭ ‬محاربة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬والمجموعات‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬الطرقات،‭ ‬فظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬تقود‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬السرقة‭ ‬والانحراف‭ ‬والفساد‭ ‬الأخلاقي‭ ‬وتسيء‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭.‬