زبدة القول

داعش والبعد الطائفي في الصراع السوري

| د. بثينة خليفة قاسم

هل‭ ‬أدى‭ ‬تدخل‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬العلني‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬السوري‭ ‬إلى‭ ‬إعطائه‭ ‬بعدا‭ ‬طائفيا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ساعد‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تجنيد‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬داعش؟‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬المهم‭ ‬جاءت‭ ‬خلال‭ ‬ندوة‭ ‬أقيمت‭ ‬بالمعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وكان‭ ‬لي‭ ‬شرف‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها‭ ‬والاستفادة‭ ‬مما‭ ‬طرحته‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬والمتخصصين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭. ‬

التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬له‭ ‬أسباب‭ ‬عديدة‭ ‬يعرفها‭ ‬الباحثون‭ ‬والمتخصصون‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وأشكالها‭ ‬التنظيمية‭ ‬وتكتيكاتها‭ ‬وآيديولوجياتها‭ ‬وأساليبها‭ ‬في‭ ‬تجنيد‭ ‬الشباب،‭ ‬فأحيانا‭ ‬يقول‭ ‬الباحثون‭ ‬إن‭ ‬البيئات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الفقيرة‭ ‬وعدم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أسباب‭ ‬انخراط‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تعدد‭ ‬الأسباب‭ ‬وعدم‭ ‬انطباقها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الحالات،‭ ‬هناك‭ ‬دائما‭ ‬دافع‭ ‬أو‭ ‬حادث‭ ‬معين‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬دفع‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬المؤهل‭ ‬فكريا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يخطو‭ ‬خطوته‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الانضمام‭ ‬لداعش‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭. ‬

وكان‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬حظي‭ ‬أن‭ ‬حضرت‭ ‬الندوة‭ ‬التي‭ ‬أقامها‭ ‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬واستمعت‭ ‬لبعض‭ ‬الباحثين‭ ‬المتبحرين‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬ممن‭ ‬أضافوا‭ ‬بشكل‭ ‬سخي‭ ‬إلى‭ ‬معلوماتنا‭ ‬عن‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وخصوصا‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬أفادتنا‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الندوة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬سعود‭ ‬الكبير،‭ ‬مدير‭ ‬إدارة‭ ‬البحوث‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬فيصل‭ ‬للبحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وكذلك‭ ‬السيد‭ ‬محمد‭ ‬السبيعي،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬مركز‭ ‬ايثار‭ ‬للدراسات‭ ‬والبحوث،‭ ‬وأيضا‭ ‬الباحث‭ ‬اميل‭ ‬الحكيم‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الحقائق‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تناولها‭ ‬أن‭ ‬الشباب‭ ‬السعوديين‭ ‬الذين‭ ‬انضموا‭ ‬لتنظيم‭ ‬داعش‭ ‬الإرهابي‭ ‬ليسوا‭ ‬كما‭ ‬يتخيل‭ ‬البعض‭ ‬مختلين‭ ‬عقليا‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬حاصلين‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬كاف‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬أوساط‭ ‬اجتماعية‭ ‬فقيرة‭ ‬مثلا،‭ ‬لكنهم‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬كانوا‭ ‬الأكثر‭ ‬تعليما‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬المنضوين‭ ‬تحت‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم،‭ ‬لكنهم‭ ‬اقتنعوا‭ ‬بفكرة‭ ‬معينة‭ ‬واعتقدوا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬هو‭ ‬الجهاد‭ ‬الذي‭ ‬أمر‭ ‬به‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬الدافع‭ ‬المباشر‭ ‬أو‭ ‬الحادث‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬التوقيت‭ ‬الذي‭ ‬انضموا‭ ‬إليه‭ ‬فيه‭ ‬كما‭ ‬تفضل‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬خالد‭ ‬فهو‭ ‬دخول‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬العلني‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬السوري‭ ‬الذي‭ ‬أعطى‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬بعدا‭ ‬طائفيا‭.‬

وأشار‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬عبدالله‭ ‬ضمن‭ ‬كلمته‭ ‬إلى‭ ‬تجربة‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬النجاح‭ ‬والأهمية‭ ‬وهي‭ ‬تجربة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المراجعة‭ ‬الفكرية‭ ‬والحوار‭ ‬مع‭ ‬الشباب‭ ‬العائدين‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تصحيح‭ ‬معتقداتهم‭ ‬وتخليصهم‭ ‬من‭ ‬الفكر‭ ‬الإرهابي،‭ ‬وهي‭ ‬التجربة‭ ‬التي‭ ‬أثنت‭ ‬عليها‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وطالبت‭ ‬بتعميمها‭.‬