البحرين‭ ‬والجائزة‭ ‬والاستدامة

| د. عبدالله الحواج

يوم‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬يثبت‭ ‬الإنسان‭ ‬أنه‭ ‬مازال‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬تطويع‭ ‬الطبيعة،‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬الوجود‭ ‬من‭ ‬العدم،‭ ‬وإنتاج‭ ‬الحقيقة‭ ‬من‭ ‬الخيال‭.‬

في‭ ‬الماضي‭ ‬حلمنا‭ ‬بوطن‭ ‬يكون‭ ‬النمو‭ ‬المستدام‭ ‬فيه‭ ‬هو‭ ‬الشمس‭ ‬المشرقة‭ ‬التي‭ ‬تطل‭ ‬علينا‭ ‬بالرخاء‭ ‬والنماء‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬وفي‭ ‬الماضي‭ ‬القريب‭ ‬أشرق‭ ‬على‭ ‬بلادنا‭ ‬نور‭ ‬العطاء‭ ‬من‭ ‬فكر‭ ‬مستنير،‭ ‬وعقل‭ ‬مستجيب،‭ ‬وقوة‭ ‬إنسانية‭ ‬جبارة،‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬تلك‭ ‬الرؤى‭ ‬التي‭ ‬يستطيع‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬قراءة‭ ‬تفاصيلها‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وهو‭ ‬نفسه‭ ‬ذلك‭ ‬القائد‭ ‬المتمكن‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬المشاريع‭ ‬الممكنة‭ ‬على‭ ‬محك‭ ‬التحدي،‭ ‬وصياغة‭ ‬الموقف‭ ‬السليم‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬السليم‭.‬

من‭ ‬الأمس‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬فصاعدا،‭ ‬نجد‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬محلقا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬السطور‭ ‬وجائزة‭ ‬سموه‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬تتعانق‭ ‬في‭ ‬اتفاق‭ ‬تاريخي‭ ‬مع‭ ‬مركز‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الأسبق‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بان‭ ‬كي‭ ‬مون،‭ ‬الهدف‭ ‬السامي‭ ‬كان‭ ‬واضحا‭ ‬ويتجلى‭ ‬في‭ ‬مساندة‭ ‬جهود‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬تحفيز‭ ‬ودعم‭ ‬الدول‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والأفراد‭ ‬لمواصلة‭ ‬العطاء‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬التنموي؛‭ ‬ليصبح‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬التجليات‭ ‬البشرية‭ ‬الرامية‭ ‬لدعم‭ ‬الإنسان‭ ‬لأخيه‭ ‬الإنسان‭.‬

الرئيس‭ ‬النمساوي‭ ‬الأسبق‭ ‬د‭. ‬هاينز‭ ‬فيشر‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الموقعين‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬ممثلا‭ ‬لبان‭ ‬كي‭ ‬مون‭ ‬شخصيا،‭ ‬الرئيس‭ ‬النمساوي‭ ‬نفسه‭ ‬تحدث‭ ‬بلغة‭ ‬رقراقة‭ ‬ملؤها‭ ‬الإيمان‭ ‬بفكر‭ ‬وطلائع‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬التنموية،‭ ‬وهي‭ ‬تباشر‭ ‬بنفسها‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬التراكمي‭ ‬للمجتمعات‭ ‬المتحضرة،‭ ‬إنه‭ ‬رمز‭ ‬إنمائي‭ ‬للفكرة‭ ‬الحاضرة‭ ‬عندما‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬يقين‭ ‬حارس‭ ‬للمجتمعات‭ ‬المتحضرة‭ ‬ومنتدى‭ ‬البحرين‭ ‬السنوي‭ ‬يلتئم‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بنيويورك‭ ‬بالتحديد‭ ‬خلال‭ ‬الاجتماع‭ ‬الرفيع‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للمنظمة‭ ‬الدولية‭.‬

أكثر‭ ‬من‭ ‬رسالة‭ ‬يلوح‭ ‬بها‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬البعد‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬القرب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬المهم،‭ ‬أبرزها‭ ‬ذلك‭ ‬الارتباط‭ ‬الحيوي‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬تحاول‭ ‬محاكاة‭ ‬هموم‭ ‬المواطن‭ ‬اليومية،‭ ‬أبرزها‭ ‬وأكثرها‭ ‬ارتباطا‭ ‬ذلك‭ ‬البعد‭ ‬الأكثر‭ ‬من‭ ‬حيوي‭ ‬للمشاريع‭ ‬الـ‭ ‬11‭ ‬التي‭ ‬وجه‭ ‬سموه‭ ‬بتنفيذها‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭ ‬بعشر‭ ‬قرى‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة،‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬تلك‭ ‬النظرة‭ ‬الشمولية‭ ‬للعين‭ ‬الثاقبة‭ ‬عندما‭ ‬تتجاوز‭ ‬المحيط‭ ‬الوطني‭ ‬إلى‭ ‬الأفق‭ ‬الدولي،‭ ‬وهي‭ ‬عند‭ ‬صياغة‭ ‬بيت‭ ‬القصيد‭ ‬نبرة‭ ‬جديدة‭ ‬لتناغم‭ ‬المشاريع‭ ‬الإسكانية‭ ‬مع‭ ‬المرافق‭ ‬والمنشآت‭ ‬الخدمية،‭ ‬بل‭ ‬وجعل‭ ‬الوحدات‭ ‬السكنية‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬والمناطق‭ ‬المستهدفة‭ ‬أكبر‭ ‬مساحة‭ ‬توفيرا‭ ‬لراحة‭ ‬أفضل‭ ‬للمواطنين،‭ ‬وتحقيقا‭ ‬لحلم‭ ‬كان‭ ‬يراود‭ ‬أبناء‭ ‬البلاد‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭.‬

إن‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬وحكومة‭ ‬البحرين‭ ‬الرشيدة‭ ‬بهذا‭ ‬التلاقي‭ ‬بين‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد،‭ ‬المحلي‭ ‬والعالمي،‭ ‬الخاص‭ ‬والعام،‭ ‬إنما‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يؤسس‭ ‬قاعدة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬المراحل‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تشح‭ ‬فيها‭ ‬الموارد‭ ‬وتتعاظم‭ ‬الحاجات‭ ‬وتتخلق‭ ‬خلالها‭ ‬الآمال،‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬هي‭ ‬المربط‭ ‬وهي‭ ‬الفرس،‭ ‬هي‭ ‬الحل‭ ‬للمعضلات‭ ‬المركبة،‭ ‬والخلاص‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إبداع‭ ‬المسؤولين،‭ ‬وهي‭ ‬الجائزة‭ ‬التي‭ ‬سيظل‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬مرفرفا‭ ‬براياتها‭ ‬البيضاء‭ ‬في‭ ‬عنان‭ ‬سماوات‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وأمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬جمعاء‭.‬

إن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بقيادتها‭ ‬المؤمنة،‭ ‬وشعبها‭ ‬الوفي‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تفهم‭ ‬الرسائل‭ ‬المقدسة‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬وطن‭ ‬بعالمه‭ ‬الفسيح،‭ ‬وإنسان‭ ‬بأمته‭ ‬الشامخة،‭ ‬ومشاريع‭ ‬بضمير‭ ‬حي‭.‬