رؤيا مغايرة

مجزرة مسجد النور... فعلاً عش رجباً ترى عجباً!

| فاتن حمزة

بين‭ ‬مجزرة‭ ‬المسجد‭ ‬الإبراهيمي‭ ‬سنة‭ ‬1994م‭ ‬ومجزرة‭ ‬مسجد‭ ‬النور‭ ‬اليوم،‭ ‬مئات‭ ‬الشهداء‭ ‬المسلمين،‭ ‬قتلوا‭ ‬بأيدي‭ ‬من‭ ‬يتهمنا‭ ‬نحن‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬وما‭ ‬يحزنني‭ ‬اليوم،‭ ‬بعد‭ ‬قراءه‭ ‬ومشاهدة‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬الجريمة‭ ‬المروعة‭ ‬التي‭ ‬قتل‭ ‬فيها‭ ‬السفاح‭ ‬المسلح‭ ‬عشرات‭ ‬المصلين‭ ‬بدم‭ ‬بارد،‭ ‬هو‭ ‬فشل‭ ‬بعض‭ ‬المحسوبين‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬في‭ ‬انتقاء‭ ‬أقوالهم‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬الحادثة‭ ‬فكانت‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬تبريرها‭ ‬من‭ ‬ذمها،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬تأييد‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬بني‭ ‬جلدتنا‭ ‬والذين‭ ‬يتكلمون‭ ‬بألسنتنا‭ ‬الجريمة،‭ ‬وما‭ ‬يحزن‭ ‬أيضاً‭ ‬ما‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القنوات‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تأنف‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬مصطلح‭ ‬إرهابي‭ ‬أو‭ ‬شهداء،‭ ‬بينما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الفاعل‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬لما‭ ‬ترددوا‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬المصطلحات‭ ‬لوصف‭ ‬الحادثة‭!‬

للأسف‭ ‬العالم‭ ‬لم‭ ‬يعزنا‭ ‬في‭ ‬قتلانا،‭ ‬والغرب‭ ‬لن‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬مضطراً‭ ‬للاعتذار‭ ‬لنا،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدينية‭ ‬لم‭ ‬تر‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الخجول‭ ‬مما‭ ‬حدث،‭ ‬والعالم‭ ‬ليس‭ ‬مضطراً‭ ‬لأن‭ ‬يقف‭ ‬ويهتف‭ ‬كلنا‭ ‬“مسجد‭ ‬النور”،‭ ‬فالقتلى‭ ‬مسلمون‭ ‬بينما‭ ‬هم‭ ‬تخصصهم‭ ‬إدانة‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬فقط‭.‬

عندما‭ ‬قتل‭ ‬12‭ ‬شخصا‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬جريدة‭ ‬شارلي‭ ‬إبدو‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬صورا‭ ‬مسيئة‭ ‬للنبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬شارك‭ ‬قادة‭ ‬40‭ ‬دولة‭ ‬بينهم‭ ‬زعماء‭ ‬عرب‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬“باريس”‭ ‬لنبذ‭ ‬الإرهاب،‭ ‬أما‭ ‬قتل‭ ‬50‭ ‬مؤمنا‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬من‭ ‬بيوت‭ ‬الله‭ ‬فتحوا‭ ‬قلوبهم‭ ‬لقاتلهم‭ ‬ورحبوا‭ ‬به‭ ‬بقولهم‭ ‬“مرحباً‭ ‬أخي”‭ ‬فلا‭ ‬يستحق‭ ‬سوى‭ ‬شجب‭ ‬في‭ ‬بضع‭ ‬كلمات‭.‬

ختاماً‭ ‬أقول،‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رجب،‭ ‬وقديماً‭ ‬قالوا‭ ‬“عش‭ ‬رجباً‭ ‬ترى‭ ‬عجباً”،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬ربما‭ ‬يأتينا‭ ‬من‭ ‬يبرر‭ ‬هذه‭ ‬الفعلة‭ ‬الشنيعة‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬المسلمين‭ ‬يستحقون‭ ‬القتل،‭ ‬لأنهم‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يقتلون‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وليس‭ ‬اليهود،‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يقتلون‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬وليس‭ ‬الأميركان،‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يقتلون‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬بورما‭ ‬وليس‭ ‬البوذيين،‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يقتلون‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وليس‭ ‬الشيوعيين،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬لعل‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬التي‭ ‬ألقيت‭ ‬على‭ ‬هيروشيما،‭ ‬كان‭ ‬المسلمون‭ ‬من‭ ‬ألقاها‭!.‬