ستة على ستة

الحشد الشعبي في العراق خارج السيطرة

| عطا السيد الشعراوي

الجيش‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬الدعامة‭ ‬الأهم‭ ‬لبقاء‭ ‬الدولة‭ ‬حية‭ ‬نشطة‭ ‬والمعيار‭ ‬الأقوى‭ ‬لقيم‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬للوطن،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬كونه‭ ‬السند‭ ‬والمعين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬سبل‭ ‬التقدم‭ ‬والرخاء‭ ‬والتنمية،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬تحظى‭ ‬دائما‭ ‬بمكانة‭ ‬وتقدير‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أبناء‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬وتكاد‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مساحة‭ ‬خاصة‭ ‬ومتفردة‭ ‬لا‭ ‬تقترب‭ ‬منها‭ ‬أية‭ ‬مؤسسة‭ ‬أخرى‭.‬

لذا،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬يكون‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬جدل‭ ‬داخلي‭ ‬أو‭ ‬انقسام‭ ‬حول‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬عدم‭ ‬تقوية‭ ‬هذا‭ ‬الجيش‭ ‬وتمكينه‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬دوره‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬الأكمل،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬يشعر‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬تمثله‭ ‬وتخدمه‭ ‬وتعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أمنه‭ ‬واستقرار‭ ‬بلده،‭ ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬الحالة‭ ‬الصحية‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬ينشد‭ ‬التنمية‭ ‬والازدهار‭.‬

لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬تفتقد‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬فقد‭ ‬كشفت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬تقريرها‭ ‬السنوي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للعام‭ ‬2018‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬مؤخرا‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬عناصر‭ ‬قوات‭ ‬الأمن،‭ ‬خصوصا‭ ‬وحدات‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬المتحالفة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬والتي‭ ‬تعمل‭ ‬خارج‭ ‬سيطرة‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية،‭ ‬متهما‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬بالقيام‭ ‬بأعمال‭ ‬قتل‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬وتعسفية‭ ‬وعمليات‭ ‬تجنيد‭ ‬غير‭ ‬مشروع‭ ‬للأطفال‭.‬

واضح‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تقف‭ ‬حائلا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للعراق‭ ‬جيش‭ ‬وطني‭ ‬قوي‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭ ‬ويدافع‭ ‬عن‭ ‬سيادة‭ ‬العراق‭ ‬واستقلاله‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضيه‭ ‬ويتصدى‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يتدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونه‭ ‬ويسعى‭ ‬لإثارة‭ ‬الفرقة‭ ‬والانقسام‭ ‬بين‭ ‬شعبه‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬نطق‭ ‬بما‭ ‬يعرفه‭ ‬الكثيرون‭ ‬عن‭ ‬انتهاكات‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬حيث‭ ‬انتقد‭ ‬الناطق‭ ‬باسم‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيرانية‭ ‬تصريحات‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأميركية‭ ‬مايك‭ ‬بومبيو‭ ‬التي‭ ‬أكد‭ ‬فيها‭ ‬التحالف‭ (‬الأمني‭) ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬يجري‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تشكيله‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والذي‭ ‬سيشكل‭ ‬حصنا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العدوان‭ ‬والإرهاب‭ ‬والتطرف‭ ‬الإيراني،‭ ‬وأشار‭ ‬المسؤول‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬تعكس‭ ‬رغبة‭ ‬أميركية‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬متوتر،‭ ‬وأن‭ ‬طهران‭ ‬وبغداد‭ ‬تعتزمان‭ ‬استمرار‭ ‬العلاقات‭ ‬بينهما‭ ‬في‭ ‬أصعب‭ ‬الظروف،‭ ‬زاعما‭ ‬أنها‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬والثقة‭ ‬والمصالح‭ ‬المشتركة‭.‬