البحرنة في سوق العمل

| عبدعلي الغسرة

ناقش‭ ‬مجلس‭ ‬الدوي‭ ‬الأسبوعي‭ ‬موضوع‭ ‬“البحرنة”‭ ‬والموقف‭ ‬منها‭ ‬وكيفية‭ ‬علاجها‭ ‬باستضافة‭ ‬النائبين‭ ‬يوسف‭ ‬زينل‭ ‬وفلاح‭ ‬هاشم،‭ ‬وتطرق‭ ‬المحاضران‭ ‬والحاضرون‭ ‬لمشاريع‭ ‬البحرنة‭ ‬وأهميتها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬غزت‭ ‬الأيدي‭ ‬العاملة‭ ‬الوافدة‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬البحريني‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬ومنها‭ ‬مشروع‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬متدرب‭ ‬ومشروع‭ ‬إصلاح‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ومشروع‭ ‬ماكنزي‭.‬

قد‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬البحرنة‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬مبدأ‭ ‬الحرية‭ ‬الاقتصادية‭ (‬حرية‭ ‬الشركات‭ ‬الاستثمارية‭ ‬الأجنبية‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬يعوق‭ ‬تنفيذ‭ ‬مبدأ‭ ‬البحرنة‭ ‬ما‭ ‬تحققه‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬من‭ ‬أرباح؛‭ ‬وإذا‭ ‬اعتبرنا‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬صحيحة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص؛‭ ‬فماذا‭ ‬عن‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مكانا‭ ‬لتوظيف‭ ‬أهل‭ ‬البحرين؟‭ ‬عِلمًا‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬تبلغ‭ (‬16‭ %) ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬ككرة‭ ‬الثلج‭ ‬إذا‭ ‬تباطأ‭ ‬تحقيق‭ ‬مبدأ‭ ‬البحرنة‭.‬

تنص‭ ‬المادة‭ (‬13‭/ ‬أ‭) ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬على‭ ‬أن‭ (‬العمل‭ ‬واجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭)‬،‭ ‬و‭(‬13‭/ ‬ب‭) ‬على‭ ‬أن‭ (‬تكفل‭ ‬الدولة‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للمواطنين‭ ‬وعدالة‭ ‬شروطه‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬مادة‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬مبادئ‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهذان‭ ‬البندان‭ ‬يجعلان‭ ‬الدولة‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬بتوظيف‭ ‬البحرينيين‭ ‬أولا،‭ ‬ومدى‭ ‬اهتمام‭ ‬الدولة‭ ‬بالعنصر‭ ‬البشري‭ ‬البحريني‭ ‬حاليًا‭ ‬ومستقبلا‭ ‬ثانيا،‭ ‬وثالثا‭ ‬يؤكدان‭ ‬تنفيذ‭ ‬مبدأ‭ ‬البحرنة،‭ ‬وإذا‭ ‬تخلينا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬الدستورية‭ ‬فسنتخلى‭ ‬عن‭ ‬توظيف‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭. ‬إن‭ ‬مبدأ‭ ‬البحرنة‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬يتطلبه‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالموظف‭ ‬والعامل‭ ‬البحريني‭ ‬توظيفا‭ ‬وتدريبا،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬الأفضلية‭ ‬له‭ ‬وإحلاله‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مواقع‭ ‬العمل‭. ‬للأسف‭ ‬هناك‭ ‬شركات‭ ‬تعطي‭ ‬العامل‭ ‬الأجنبي‭ ‬الأفضلية‭ ‬على‭ ‬البحريني‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬تساويا‭ ‬في‭ ‬الكفاءة؛‭ ‬بجانب‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬الأجنبي‭ ‬من‭ ‬امتيازات‭ ‬وترقيات،‭ ‬مخترقة‭ ‬بذلك‭ ‬التوجيهات‭ ‬الرسمية‭ ‬والخطط‭ ‬والمشاريع‭ ‬والبرامج‭ ‬الحكومية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يُضاعف‭ ‬البطالة‭ ‬بين‭ ‬البحرينيين‭ ‬وخصوصا‭ ‬حملة‭ ‬الشهادات‭ ‬العليا‭.‬

إن‭ ‬مبدأ‭ ‬البحرنة‭ ‬كمفهوم‭ ‬وتطبيق‭ ‬يتطلب‭ ‬إصلاحًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬لسوق‭ ‬العمل،‭ ‬ويحتاج‭ ‬لاتفاق‭ ‬واضح‭ ‬بين‭ ‬أركانه،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاعتراضات‭ ‬واختلاف‭ ‬الرؤى‭ ‬في‭ ‬التنفيذ،‭ ‬فتحقيق‭ ‬البحرنة‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬توجيهها‭ ‬بالمسار‭ ‬الصحيح‭ ‬بدون‭ ‬مراوحة‭ ‬أو‭ ‬تردد،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬الاختيار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لتوظيف‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬تخصصاتهم‭ ‬وبالراتب‭ ‬الذي‭ ‬يُحقق‭ ‬لهم‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬المناسب‭.‬