خدمات تحتاج إلى تطوير

| زهير توفيقي

قمت‭ ‬مؤخراً‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬بزيارة‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البر،‭ ‬إذ‭ ‬راقت‭ ‬لي‭ ‬الفكرة‭ ‬بسبب‭ ‬المناخ‭ ‬الربيعي‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬يسود‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬السفر‭ ‬بالبر‭ ‬فكرة‭ ‬رائعة‭ ‬تستحق‭ ‬العناء‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬حكومات‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬قاطبة‭ ‬لا‭ ‬تدخر‭ ‬جهداً‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬خدماتها‭ ‬وتوفير‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬مواطنيها،‭ ‬فالمواطنون‭ ‬يقدرون‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬دولهم‭ ‬ويثمنونه‭ ‬عالياً‭. ‬وقد‭ ‬استرعى‭ ‬انتباهي‭ ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬البري،‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬الشقيقة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬أي‭ ‬تطوير‭ ‬يذكر،‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬نفسه،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬على‭ ‬جوانبه،‭ ‬وسبق‭ ‬لي‭ ‬التطرق‭ ‬لنفس‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مقالاتي‭ ‬السابقة‭.‬

ما‭ ‬لاحظته‭ ‬تحديداً‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الشارع‭ ‬الرئيس‭ ‬الطويل‭ ‬نسبياً‭ ‬غير‭ ‬مُعبّد‭ ‬بصورة‭ ‬جيّدة،‭ ‬ويفتقر‭ ‬إلى‭ ‬متطلبات‭ ‬السلامة‭ ‬المرورية‭ ‬الأساسيّة،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لأية‭ ‬إنارة‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تخطيط‭ ‬للحارات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬جنوح‭ ‬المركبات‭ ‬أثناء‭ ‬القيادة‭ ‬وخصوصا‭ ‬أثناء‭ ‬الليل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الغياب‭ ‬الكامل‭ ‬للإنارة‭. ‬أذكر‭ ‬أنني‭ ‬أثناء‭ ‬زيارتي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬قمت‭ ‬بقيادة‭ ‬السيارة‭ ‬لمسافة‭ ‬امتدت‭ ‬حوالي‭ ‬‮١٢‬‭ ‬ساعة‭ ‬متواصلة،‭ ‬قطعت‭ ‬خلالها‭ ‬ولايات‭ ‬ومقاطعات‭ ‬ومدنا،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬تلك‭ ‬الطرق‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بها‭ ‬إنارة،‭ ‬لكن‭ ‬كانت‭ ‬الشوارع‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬ممتاز،‭ ‬وكانت‭ ‬الخطوط‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الشوارع‭ ‬واضحة‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الظلام‭ ‬الدامس،‭ ‬لذلك‭ ‬لم‭ ‬تواجهن‭ ‬أية‭ ‬صعوبة‭ ‬خلال‭ ‬القيادة،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬قيادة‭ ‬ممتعة‭ ‬وآمنة،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬عمل‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬دولنا؟‭! ‬فأنا‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لم‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬السيارة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ساعتين‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬5‭ ‬ساعات‭ ‬فقط،‭ ‬إجمالي‭ ‬المسافة‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬الكويت،‭ ‬بل‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬صديقي‭ ‬تولي‭ ‬زمام‭ ‬القيادة‭ ‬وإكمال‭ ‬المسافة‭ ‬المتبقية‭ ‬للوصول‭.‬

في‭ ‬اعتقادي‭ ‬إن‭ ‬السلامة‭ ‬أهم‭ ‬عنصر‭ ‬في‭ ‬حياتنا،‭ ‬ولا‭ ‬أتصور‭ ‬أن‭ ‬توفير‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬أمر‭ ‬صعب،‭ ‬فلدينا‭ ‬من‭ ‬الإمكانيات‭ ‬ما‭ ‬يؤهلنا‭ ‬لتوفير‭ ‬الأفضل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لشعوبنا‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬كل‭ ‬الخير،‭ ‬كما‭ ‬أتمنى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬المنبر‭ ‬الصحافي‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬دورات‭ ‬مياه‭ (‬صالحة‭ ‬للاستعمال‭) ‬وهذا‭ ‬مطلب‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الأهمية‭ ‬للصغار‭ ‬قبل‭ ‬الكبار،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تمّ‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬محددّة‭ ‬نظير‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬الضرورية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنها‭ ‬بأيّ‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال،‭ ‬فهذا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العناء‭ ‬على‭ ‬المسافرين‭ ‬ومستخدمي‭ ‬الطرق،‭ ‬ولننظر‭ ‬ونقتدي‭ ‬بالدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬المتقدمة‭ ‬حيث‭ ‬تتوافر‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬دورات‭ ‬مياه‭ ‬راقية‭ ‬ونظيفة‭ ‬جداً‭ ‬لكن‭ ‬شريطة‭ ‬دفع‭ ‬مبلغ‭ ‬أعتبره‭ ‬رمزياً‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬نظافتها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأوقات‭.‬

أتمنى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬قلبي‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬مقالي‭ ‬وما‭ ‬يطرحه‭ ‬غيري‭ ‬من‭ ‬كتّاب‭ ‬الأعمدة‭ ‬آذاناً‭ ‬صاغية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬نسعى‭ ‬جميعا‭ ‬لتحقيقه،‭ ‬وهو‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬حكوماتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬لشعوبها‭... ‬أتمنى‭ ‬ذلك‭.‬