سوالف

دفاعا‭ ‬عن‭ ‬من‭ ‬ينشر ‬أحزانه‭ ‬في‭ ‬الطريق

| أسامة الماجد

كنت‭ ‬قاصا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬صحافيا،‭ ‬ودافعت‭ ‬عن‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬مشواري‭ ‬الممتد‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬23‭ ‬عاما‭ ‬مرتديا‭ ‬الخوذات‭ ‬وحاملا‭ ‬الرماح‭ ‬والبنادق‭ ‬ولم‭ ‬أخش‭ ‬المخاطر،‭ ‬واليوم‭ ‬سأقرع‭ ‬الأجراس‭ ‬وأدافع‭ ‬عن‭ ‬الأديب‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬ينشر‭ ‬أحزانه‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬ويمضي‭ ‬وحيدا‭ ‬حتى‭ ‬الجبال‭ ‬تسمع‭ ‬صرخاته‭ ‬وأناته‭.‬

الأدب‭... ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬الإنساني‭ ‬الرفيع،‭ ‬مرآة‭ ‬الحياة‭ ‬تنعكس‭ ‬صورتها‭ ‬واضحة‭ ‬مؤثرة،‭ ‬فهو‭ ‬عنصر‭ ‬التوجيه‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الأمة‭ ‬ومعقلها‭ ‬المعنوي‭ ‬الخطير،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬مأمن‭ ‬من‭ ‬عوامل‭ ‬الهدم‭ ‬الخفية‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬وللتاريخ‭ ‬نقول‭ ‬أول‭ ‬معقل‭ ‬طمح‭ ‬إليه‭ ‬الغزاة‭ ‬ورسموا‭ ‬خطة‭ ‬اقتحامه‭ ‬حتى‭ ‬ينفذوا‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬صميم‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬إلى‭ ‬فكرها‭ ‬وشعورها‭ ‬وكيانها‭ ‬المعنوي‭. ‬

في‭ ‬الحقيقة‭ ‬والواقع‭ ‬وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تم‭ ‬تهميش‭ ‬الأديب‭ ‬البحريني‭ ‬وطمس‭ ‬آثاره‭ ‬وعدم‭ ‬إظهار‭ ‬أهميتها،‭ ‬فنتاجه‭ ‬قل‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬نواح‭ ‬بعينها‭ ‬وبطريقة‭ ‬بعينها‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬الكسل‭ ‬والخمول،‭ ‬إنما‭ ‬بسبب‭ ‬نسيانه‭ ‬ومحاربته‭ ‬وكأنه‭ ‬عدو‭ ‬ظالم‭ ‬وصاحب‭ ‬وجه‭ ‬ممقوت‭ ‬وشرير،‭ ‬فمن‭ ‬هو‭ ‬أجدر‭ ‬من‭ ‬الأديب‭ ‬بالنعيم‭ ‬وهو‭ ‬الإنسان‭ ‬المرهف‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬قيمة‭ ‬الكفاءة‭ ‬ويعرف‭ ‬ما‭ ‬يميزها‭ ‬عن‭ ‬لعب‭ ‬الصدف‭ ‬ومكر‭ ‬الماكرين،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬نرضى‭ ‬له‭ ‬باليسير،‭ ‬إنه‭ ‬يمثل‭ ‬تطلع‭ ‬الأمة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬فلنهيئ‭ ‬له‭ ‬الدفء‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬كإنسان‭ ‬كريم‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القرن‭ ‬المخيف‭ ‬الذي‭ ‬يطل‭ ‬علينا‭ ‬بوجه‭ ‬عريض‭ ‬الابتسامة‭ ‬لكنه‭ ‬يزرع‭ ‬الأسلاك‭ ‬الشائكة‭ ‬والخدع‭ ‬تحت‭ ‬أرجلنا‭.‬

زملاء‭ ‬المهنة‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬طلبوا‭ ‬مني‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬كتابة‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬جمع‭ ‬ونشر‭ ‬القصص‭ ‬المنشورة‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬في‭ ‬كتاب،‭ ‬واستعادة‭ ‬قوتي‭ ‬لاستكمال‭ ‬روايتي‭ ‬التي‭ ‬أحرقها‭ ‬برد‭ ‬الانتظار‭.. ‬قلت‭ ‬لهم‭ ‬مازال‭ ‬أمامي‭ ‬طريق‭ ‬طويل‭ ‬ومازلت‭ ‬طالبا‭ ‬في‭ ‬“ابتدائية”‭ ‬الأدب‭ ‬مترامي‭ ‬الأطراف‭ ‬وسيع‭ ‬الرقعة،‭ ‬لكنني‭ ‬أحلم‭ ‬بوثبة‭ ‬تعيد‭ ‬للأديب‭ ‬البحريني‭ ‬وأساتذتنا‭ ‬اللمعان‭ ‬والاهتمام‭ ‬والانطلاقة‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬عبر‭ ‬الدعم‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬والوقوف‭ ‬على‭ ‬همومهم‭ ‬وشواغلهم،‭ ‬ولتكن‭ ‬البداية‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬يخرج‭ ‬بتوصيات‭ ‬وقرارات‭ ‬وتخطيط‭ ‬للمستقبل‭.‬