سوالف

يجب أن يصبح الأدباء البحرينيون “راقصين وكومبارس”

| أسامة الماجد

ألا‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عندنا‭ ‬جائزة‭ ‬تقديرية‭ ‬تمنح‭ ‬سنويا‭ ‬لأفضل‭ ‬عمل‭ ‬أدبي‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬النهوض‭ ‬برقعة‭ ‬الأدب‭ ‬والأدباء‭ ‬والمثقفين،‭ ‬وتكون‭ ‬هناك‭ ‬عملية‭ ‬حشد‭ ‬كاملة‭ ‬لكل‭ ‬الطاقات‭ ‬نترجم‭ ‬بها‭ ‬العزم‭ ‬لما‭ ‬يتطلبه‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالأديب‭ ‬البحريني‭ ‬وإنجازاته‭ ‬ومسيرته‭. ‬لطالما‭ ‬سألت‭ ‬نفسي‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭.. ‬لماذا‭ ‬تهتم‭ ‬مجمتعاتنا‭ ‬بالممثلات‭ ‬والمغنيات‭ ‬ولا‭ ‬تهتم‭ ‬بالأدباء‭ ‬والشعراء‭ ‬والكتاب‭ ‬قدر‭ ‬اهتمامها‭ ‬بأهل‭ ‬الفن‭ ‬ممن‭ ‬ذكرنا‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬نذكر؟‭ ‬إن‭ ‬انزلاق‭ ‬قدم‭ ‬ممثلة‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬رقدة‭ ‬شاعر‭ ‬كبير‭ ‬مصاب‭ ‬بأزمة‭ ‬قلبية،‭ ‬ومرض‭ ‬مطربة‭ ‬بالأنفلونزا‭ ‬أشد‭ ‬خطرا‭ ‬من‭ ‬إصابة‭ ‬شاعر‭ ‬أو‭ ‬روائي‭ ‬في‭ ‬عينه،‭ ‬وكيف‭ ‬نطلب‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬والشعراء‭ ‬أن‭ ‬يعطونا‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نعطيهم‭ ‬شيئا‭. ‬إن‭ ‬أجر‭ ‬“الكومبارس”‭ ‬الواحد‭ ‬في‭ ‬المسلسلات‭ ‬الخليجية‭ ‬التافهة‭ ‬يساوي‭ ‬أجر‭ ‬مئة‭ ‬أديب،‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬التفصيلات‭.‬

أقولها‭ ‬بكل‭ ‬حسرة‭.. ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الأدباء‭ ‬عندنا‭ ‬وفي‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يصبحوا‭ ‬راقصين‭ ‬وكمبارس‭ ‬ليستطيعوا‭ ‬الحياة،‭ ‬فمع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نشاهده‭ ‬من‭ ‬إبداع‭ ‬وشهرة‭ ‬فائقة‭ ‬للأديب‭ ‬البحريني‭ ‬ومستواه‭ ‬المشرف‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬نفتقد‭ ‬او‭ ‬نبخل‭ ‬عليه‭ ‬بالمعنى‭ ‬الأصح‭ ‬بتخصيص‭ ‬جائزة‭ ‬تقديرية‭ ‬تقدمها‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬كبرى‭ ‬تليق‭ ‬بمكانته‭ ‬ومكانة‭ ‬الحراك‭ ‬الثقافي‭ ‬البحريني‭ ‬الخالد‭ ‬المطبوع‭ ‬على‭ ‬جبهة‭ ‬الإنسانية‭ ‬برشاقته‭ ‬وطاقته‭ ‬الفعالة،‭ ‬وليس‭ ‬عجيبا‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬ينصرف‭ ‬القراء‭ ‬عن‭ ‬الأدب‭ ‬فيصيب‭ ‬سوقه‭ ‬الكساد‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حاصل‭ ‬عندنا،‭ ‬ويصبح‭ ‬بين‭ ‬الفنون‭ ‬أقلها‭ ‬قيمة‭ ‬وهو‭ ‬أغلاها‭ ‬وأحلاها‭. ‬لقد‭ ‬خصصنا‭ ‬جوائز‭ ‬لكل‭ ‬شيء‭.. ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬نعرفه‭ ‬ولا‭ ‬نعرفه‭ ‬إلا‭ ‬جائزة‭ ‬للأدب‭ ‬والثقافة‭ ‬وكأن‭ ‬تكاليفها‭ ‬باهظة‭ ‬وأمنية‭ ‬صعبة‭ ‬المنال‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تخطيط‭ ‬ودراسات‭ ‬“وبلاوي”‭ ‬ومؤتمرات‭ ‬علمية‭ ‬ومحافل،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬البساطة‭ ‬ويحتاج‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬“قرار”‭ ‬يعيد‭ ‬للأديب‭ ‬البحريني‭ ‬وجوده‭ ‬ومنبره‭ ‬وقيمته‭ ‬وحياته‭.‬

إذا‭ ‬أردت‭ ‬معرفة‭ ‬مستقبل‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬عليك‭ ‬معرفة‭ ‬مستقبل‭ ‬الأدب‭ ‬العربي،‭ ‬هكذا‭ ‬كان‭ ‬يقول‭ ‬فطاحل‭ ‬الأدب‭ ‬والفكر‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬بعيد‭ ‬وفي‭ ‬عبارة‭ ‬موجزة‭ ‬أقول‭.. ‬إن‭ ‬الأديب‭ ‬يدرك‭ ‬من‭ ‬أسرار‭ ‬الأمة‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬غيره‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬العيش‭ ‬وزحام‭ ‬الوجود‭ ‬وضجيج‭ ‬المعترك،‭ ‬يتطلع‭ ‬الأديب‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬تحجبها‭ ‬عن‭ ‬الكثرة‭ ‬غشاوة‭ ‬الغفلة‭ ‬أو‭ ‬بلادة‭ ‬الحس‭ ‬أو‭ ‬زيف‭ ‬الرؤية‭ ‬وخداع‭ ‬البصر‭.‬