ستة على ستة

المجزرة النيوزيلندية والعدالة الدولية

| عطا السيد الشعراوي

للأسف الشديد حال العديد من الدول الغربية يبين مدى ما وصلت له محاكمها، فهذ المحاكم “يدها ثقيلة وهي تعيد الحقوق لأصحابها”، كما هو حال المجتمع الدولي وحال العلاقة بين أطرافه، حيث الاختلال الشديد في هذه العلاقة والانحياز الواضح والدائم لذوي القوة والمتحكمين في القرار الدولي، وهذا الوضع هو الذي يتسبب في وقوع الكثير من المآسي وكان آخرها ما وقع مؤخرا (15 مارس الجاري) في مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية من مجزرة بشعة وعمل إرهابي دنيء عندما هاجم أحد الإرهابيين بالأسلحة النارية، مستهدفا المصلين بمسجدي “النور” و”لينوود”، في اعتداء دامٍ خلف 49 شهيدًا وإصابة أكثر من 40 شخصا. لم يشعر هذا المجرم بأي ذنب جراء ما اقترف، بل امتلكه النهم والعطش إلى دماء الأبرياء وهو يصوب نيرانه تجاه أناس يؤدون صلاتهم، وقام بتصوير تلك المجزرة التي ارتكبها مدفوعا بعنصرية مقيتة وإيمان “أحمق” بسيادة وتفوق الجنس الأبيض ويقين أسود بأن استهداف المسلمين والأقليات عمل مشروع وإنجاز يجب الاحتفاء به. لن ينصلح الحال بشعارات جوفاء وبيانات تضامنية صماء من هنا وهناك، بل لابد من إصلاح ميزان العدالة المختل في كثير من الوجوه، خصوصا في النظام الدولي، حيث لا يزال حق “الفيتو” حائلا دون إعادة الحقوق لأصحابها، وكذلك في الإعلام الغربي، والعلاقة بين الأقليات المسلمة وأبناء الدول التي يعيشون فيها على الصعيدين الرسمي والشعبي، فعندما يقع عنف ضد الغرب يصنف على الفور بأنه عمل إرهابي مرتبط بالإسلام، وترفع المطالب بالتضييق على المسلمين أو حتى طردهم، بينما يسود الصمت في المجازر التي تقشعر لها الأبدان والتي تستهدف المسلمين في كل مكان.