قهوة الصباح

“العمل”‭ ‬و“الكهرباء”‭ ‬ولوحة‭ ‬الموناليزا

| سيد ضياء الموسوي

لا‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬لوحة‭ ‬تراجيديا‭ ‬معلقة‭ ‬على‭ ‬بوابة‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬لنكتشف‭ ‬مدى‭ ‬حميمية‭ ‬الألوان،‭ ‬وبحس‭ ‬رمزي‭ ‬يصنع‭ ‬لنا‭ ‬بؤس‭ ‬الواقع‭ !! ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬ارواحنا‭ ‬المنهكة‭ ‬لجسم‭ ‬هش‭ ‬مليء‭ ‬بالثقوب،‭ ‬لعين‭ ‬عاطل‭ ‬يرمق‭ ‬ورقة‭ ‬تسمى‭ ‬في‭ ‬عرف‭ ‬الجامعات‭ ‬شهادة،‭ ‬وهو‭ ‬يراها‭ ‬املا‭ ‬نحيلا،‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬التقاط‭ ‬أكسجين،‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬تنام‭ ‬نسبة‭ ‬4‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬على‭ ‬مخدة‭ ‬مخملية‭. ‬شهادة‭ ‬جامعية‭ ‬في‭ ‬طول‭ ‬خمس‭ ‬سم‭ ‬وعرض‭ ‬7‭ ‬سم،‭ ‬مكتوبة‭ ‬بحبر‭ ‬اسود‭ ‬لكنه‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬انين‭ ‬في‭ ‬محبرة،‭ ‬ونزيف‭ ‬على‭ ‬ورقة‭ ‬كتابة‭ ‬تعكس‭ ‬الزمن‭ ‬الضائع،‭ ‬زمن‭ ‬لا‭ ‬يشرق‭ ‬فيه‭ ‬شي‭ ‬غير‭ ‬غواية‭ ‬جمال‭ ‬قرار‭ ‬مرتقب‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬مسؤول‭ ‬كقامة‭ ‬ملك‭ ‬وعلو‭ ‬رئيس‭ ‬امير،‭ ‬وولي‭ ‬عهد‭ ‬امير،‭ ‬ينبض‭ ‬لابناء‭ ‬مازالوا‭ ‬يرددون‭ ‬شعر‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭:‬هل‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬وماذا‭ ‬سنفعل؟‭. ‬فهل‭ ‬يحتاج‭ ‬هذا‭ ‬العاطل‭ ‬الى‭ ‬لوحة‭ ‬وجع‭ ‬زرقاء‭ ‬كلوحات‭ ‬بيكاسو،‭ ‬ليرسم‭ ‬لنا‭ ‬رجفة‭ ‬شاب‭ ‬تتلكأ‭ ‬أصابعه،‭ ‬وهو‭ ‬يوقع‭ ‬عقد‭ ‬عمل‭ ‬يحمل‭ ‬سردية‭ ‬وجع‭ ‬غير‭ ‬منته،‭ ‬او‭ ‬رعشة‭ ‬طبيب‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬دواء‭ ‬عمل‭ ‬وهو‭ ‬ابو‭ ‬الدواء؟‭ ‬ام‭ ‬حزن‭ ‬محامٍ‭ ‬في‭ ‬نهم‭ ‬لحرية‭ ‬الفيلسوف‭ ‬سارتر‭ ‬في‭ ‬نظرية‭ ‬الوجودية،‭ ‬اوتمزيق‭ ‬دبلوماسية‭ ‬ارقام‭ ‬ل‭ ((‬معارض‭ ‬توظيف‭)) ‬شبيه‭ ‬بمسرحية‭ ‬شكسبير‭ (‬العاصفة‭) ‬وهو‭ ‬يعالج‭ ‬القدر،‭ ‬او‭ ‬وجع‭ ‬فكتور‭ ‬هوجو‭ ‬او‭ ‬امل‭ ‬بحار‭ ‬يقرأ‭ ‬خيبة‭ ‬الصيادين،‭ ‬وعرقهم‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬الكاتب‭ ‬إرنست‭ ‬همنجواي‭ (‬العجوز‭ ‬والبحر‭)‬،‭ ‬في‭ ‬اصطياد‭ ‬حوت‭ ‬الحياة‭ ‬المتشظي‭ ‬حزنا‭ ‬ونوحا،‭ ‬لبشر‭ ‬يذبلون‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬عذاب‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬فهمه؟‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬دور‭ ‬اي‭ ‬وزير‭ ‬ان‭ ‬لم‭ ‬يفهموا‭ ‬حجم‭ ‬العذاب‭ ‬الا‭ ‬بقرار‭ ‬تاريخي‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬تتلمس‭ ‬معاناتهم؟‭ ‬ان‭ ‬رثاءنا‭ ‬الأخلاقي‭ ‬للبحرنة‭ ‬التي‭ ‬شيعت‭ ‬لما‭ ‬يربو‭ ‬على‭ ‬ثمان‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬توابيت‭ ‬مقبرة‭ ‬الامل‭ ‬لا‭ ‬تقاس‭ ‬لا‭ ‬بسردية‭ ‬فان‭ ‬كوخ‭ ‬في‭ ‬لوحة‭ ((‬حذاء‭))‬،‭ ‬ولا‭ ‬بتشكيك‭ ‬ديكارت‭: ‬انا‭ ‬عاطل،‭ ‬اذن‭ ‬انا‭ ‬موجود،‭ ‬ولا‭ ‬باعلان‭ ‬نيتشه‭ ‬بموت‭ ‬اصنام‭ ‬آلهة‭ ‬ارقام‭ ‬دفنت‭ ‬مع‭ ‬خيباتنا‭ ‬المتكررة‭ ‬الانكسار،‭ ‬ولا‭ ‬بسطو‭ ((‬الاجنبة‭)) ‬كسطو‭ ‬زوج‭ ‬الكاتبة‭ ‬الفرنسية‭ ((‬كوليت‭))‬على‭ ‬منتوجها‭ ‬الروائي‭ ‬باسم‭ ‬الحب،‭ ‬او‭ ‬بمحكمة‭ ‬لتاريخ‭ ‬أوسكار‭ ‬وايلد‭. ‬اصبح‭ ‬الغموض‭ ‬في‭ ‬منهج‭ ‬الضرائب‭ ‬لهيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬اكثر‭ ‬غموضا‭ ‬من‭ ‬لوحة‭ ‬الموناليزا،‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬تبتسم‭ ‬لنا‭ ‬ام‭ ‬تبكي‭ ‬لنا‭ ‬ام‭ ‬علينا،‭ ‬فان‭ ‬كانت‭ ‬الهيئة‭ ‬ليست‭ ‬هي‭ ‬المتورطة‭ ‬في‭ ‬جنونية‭ ‬ضرائبها،‭ ‬فلابد‭ ‬من‭ ‬اعادة‭ ‬التقييم،‭ ‬وتوقيف‭ ‬سياسة‭ ‬الافتراس،‭ ‬لان‭ ‬ذلك‭ ‬يقود،‭ ‬سوسيولوجيا‭ ‬الى‭ ‬تمزق‭ ‬عوائل‭ ‬بحرينية،‭ ‬وسقوطهم‭ ‬في‭ ‬بئر‭ ‬الجحيم‭ ‬العميق،‭ ‬وكما‭ ‬يقول‭ ‬سارتر‭: ‬الآخرون‭ ‬هم‭ ‬الجحيم‭. ‬نريد‭ ‬اعترافا‭ ‬بالخطأ‭ ‬كاعترافات‭ ‬جان‭ ‬جاك‭ ‬روسو‭. ‬دعوني‭ ‬اهمس‭ ‬في‭ ‬اذن‭ ‬الدولة‭ ‬قائلا‭: ‬جنونية‭ ‬ضرائب‭ ‬الكهرباء‭ ‬تقود‭ ‬الى‭ ‬جنونية‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتقوده‭ ‬الى‭ ‬أمراض‭ ‬قاتلة‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬العصر،‭ ‬القلق‭ ‬والاكتئاب‭ ‬والبرانويا،‭ ‬والتشكيك‭ ‬الارتيابي،‭ ‬والفوبيا‭ ‬من‭ ‬الحياة‭. ‬مررنا‭ ‬بالألم‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬فلسفة‭ ‬الفيلسوف‭ ‬نيتشه‭ ‬في‭ ‬السعادة‭: ‬لابد‭ ‬من‭ ‬المرور‭ ‬بالألم‭ ‬كي‭ ‬تشرب‭ ‬كأس‭ ‬السعادة،‭ ‬فكي‭ ‬تحظى‭ ‬بأجمل‭ ‬منظر‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬جبال‭ ‬الآلب‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الصبر‭ ‬عند‭ ‬تسلق‭ ‬الجبال‭. ‬والبحرينيون‭ ‬تحملوا‭ ‬وجع‭ ‬رقم‭ ((‬4‭)) ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة،‭ ‬التي‭ ‬راحت‭ ‬توزعها‭ ‬الوزارة‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬بعد‭ ‬سنين‭ ‬من‭ ‬تسريح‭ ‬شعرها،‭ ‬وملاءها‭ ‬بمساحيق‭ ‬صالونات‭ ‬التجميل‭ ‬حتى‭ ‬ذابت‭ ‬الألوان،‭ ‬واكتشفنا‭ ‬شيخوخة‭ ‬محياها‭ ‬وعمليات‭ ‬السيلكون‭ ‬الرديئة‭ ‬لهذه‭ ‬النسبة‭ !!!. ‬لقد‭ ‬أصبحنا‭ ‬كمواطنين،‭ ‬نحمل‭ ‬عقدة‭ ‬رقم‭ ‬اربعة‭ ‬كما‭ ‬يحمل‭ ‬الغربيون‭ ‬عقدة‭ ‬13،‭ ‬فهل‭ ‬تتفضل‭ ‬علينا‭ ‬الوزارة‭ ‬باحترام‭ ‬ذكاء‭ ‬المواطن،‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬رقمها‭ ‬الميمون‭ ‬وهذا‭ ‬الرقم‭ (‬الطفل‭ ‬المدلل‭) ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬فيه‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬عاطل‭ ‬واحد،‭ ‬اربعة‭ ‬عاطلين‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬من‭ ‬طبيب‭ ‬وطيار‭ ‬ومهندس‭ ‬ومحامٍ؟‭ ‬ويبقى‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬سماء‭ ‬غيث‭ ‬تمطرنا‭ ‬بالأمل،‭ ‬وسمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬شمس‭ ‬عطاء‭ ‬تذيب‭ ‬ثلج‭ ‬وجع‭ ‬قارس،‭ ‬وسمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬قمر‭ ‬الليل‭ ‬يدلنا‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الخلاص‭ ‬لهموم‭ ‬هؤلاء‭ ‬العاطلين‭ ‬الملتحفين‭ ‬برداء‭ ‬الصبر‭. ‬فالقرارات‭ ‬الأخيرة‭ ‬الكريمة‭ ‬يتابعها‭ ‬نبض‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الخلاص‭ ‬الأبدي‭. ‬كمجتمع‭ ‬مدني،‭ ‬نتابع،‭ ‬وسنظل،‭ (((‬ولن‭ ‬نتوب‭ ‬عن‭ ‬أحلامنا‭ ‬مهما‭ ‬تكرر‭ ‬انكسارها‭)) ‬في‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬ثغرة‭ ‬في‭ ‬جدار‭ ‬اليأس،‭ ‬فإن‭ ‬زيادة‭ ‬إعانة‭ ‬التعطل‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬دينار‭ ‬للجامعيين‭ ‬ومن‭ ‬120‭ ‬إلى‭ ‬150‭ ‬دينار‭ ‬لغير‭ ‬الجامعيين‭ ‬وزيادة‭ ‬مدة‭ ‬الإعانة‭ ‬والتعويض‭ ‬إلى‭ ‬تسعة‭ ‬أشهر‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معمول‭ ‬به‭ ‬حالياً،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬زيادة‭ ‬تعويض‭ ‬المفصولين‭ ‬والمسرحين‭ ‬ليكون‭ ‬بحد‭ ‬أقصى‭ ‬1000‭ ‬دينار‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬دينار‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معمول‭ ‬به‭ ‬حالياً،‭ ‬ورفع‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬دينار‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬دينار‭ ‬والثالثة‭ ‬هي‭ ‬رفع‭ ‬رسوم‭ ‬تصاريح‭ ‬النظام‭ ‬الموازي‭ ‬الاختياري‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬نسب‭ ‬البحرنة‭ ‬المفروضة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬دينار‭ ‬إضافية‭ ‬إلى‭ ‬500‭ ‬دينار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الرسوم‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬تصاريح‭ ‬العمالة‭ ‬المرنة‭ ‬للأجانب‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬إلى‭ ‬500‭ ‬دينار‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬رسم‭ ‬شهري‭ ‬30‭ ‬دينار،‭ ‬اثلج‭ ‬قلوب‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭. ‬شكرا‭ ‬ابا‭ ‬سلمان،‭ ‬شكرا‭ ‬ابا‭ ‬علي،‭ ‬شكرا‭ ‬ابا‭ ‬عيسى،‭ ‬فقليل‭ ‬فيكم‭ ‬المديحُ‭ ‬الكثيرُ‭.‬