ستة على ستة

قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬الإرهاب

| عطا السيد الشعراوي

رغم‭ ‬إيماننا‭ ‬بأن‭ ‬الإرهاب‭ ‬لا‭ ‬دين‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬وطن‭ ‬وقناعتنا‭ ‬التامة‭ ‬بوجود‭ ‬تحيز‭ ‬في‭ ‬التغطية‭ ‬الإعلامية‭ ‬الغربية‭ ‬للحوادث‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬تجد‭ ‬ربطا‭ ‬مباشرًا‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الإسلام‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬مرتكبوها‭ ‬ممن‭ ‬يدينون‭ ‬بالإسلام،‭ ‬بينما‭ ‬تجد‭ ‬التفسيرات‭ ‬النفسية‭ ‬والاختلالات‭ ‬العقلية‭ ‬مكانا‭ ‬وحيزا‭ ‬ضخمًا‭ ‬في‭ ‬الحوادث‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬غير‭ ‬المسلمين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الدراسة‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬مجلة‭ ‬“نيوزويك”‭ ‬الأميركية‭ ‬عن‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تكتسب‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭.‬

الدراسة‭ ‬أعدها‭ ‬باحثون‭ ‬بجامعة‭ ‬جورجيا‭ ‬فيما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬“قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬الإرهاب”،‭ ‬وهي‭ ‬قاعدة‭ ‬مجردة‭ ‬وموضوعية‭ ‬تشمل‭ ‬180‭ ‬ألف‭ ‬حادثة‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1970‭ ‬و2017،‭ ‬وبها‭ ‬تاريخ‭ ‬كل‭ ‬حادثة‭ ‬ومكان‭ ‬وقوعها‭ ‬والأسلحة‭ ‬المستخدمة‭ ‬فيها‭ ‬وطبيعة‭ ‬الأهداف‭ ‬والضحايا‭.‬

تناول‭ ‬الفريق‭ ‬136‭ ‬حادثة‭ ‬إرهابية‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2006‭ ‬و2015،‭ ‬ووجدوا‭ ‬أن‭ ‬أشخاصًا‭ ‬مسلمين‭ ‬ارتكبوا‭ ‬فقط‭ ‬ما‭ ‬نسبته‭ ‬12‭.‬5‭ % ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات،‭ ‬لكنهم‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬حظوا‭ ‬بتغطية‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الضئيل،‭ ‬إذ‭ ‬حصلوا‭ ‬على‭ ‬نصف‭ ‬التغطية‭ ‬الإخبارية‭ ‬لجميع‭ ‬الحوادث‭ ‬الإرهابية،‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬عن‭ ‬التغطية‭ ‬العادية‭ ‬لأي‭ ‬حادث‭ ‬إرهابي‭ ‬آخر‭.‬

هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬مجرد‭ ‬نموذج‭ ‬وشاهد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬خطير‭ ‬ومحرض‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬وتشويه‭ ‬صورتهم‭ ‬والتخويف‭ ‬منهم‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بقصد‭ ‬منه‭ ‬ومن‭ ‬القائمين‭ ‬عليه‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬بدون‭ ‬قصد‭ ‬بسبب‭ ‬الجهل‭ ‬أو‭ ‬الاستسلام‭ ‬لمواقف‭ ‬ومنطلقات‭ ‬مسبقة‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬دون‭ ‬أية‭ ‬روية‭ ‬أو‭ ‬تفكير‭.‬

لكن،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتجاهل‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬بدوره‭ ‬كما‭ ‬ينبغي،‭ ‬ويتحمل‭ ‬بذلك‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التحيز‭ ‬الإعلامي‭ ‬الغربي‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬واستسهال‭ ‬ربطه‭ ‬بالإرهاب‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬حادثة‭ ‬عنف،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬بعدم‭ ‬دحض‭ ‬ما‭ ‬يسوقه‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي،‭ ‬إنما‭ ‬يردد‭ ‬ما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬رسائل‭ ‬دون‭ ‬وعي‭ ‬بخطورتها،‭ ‬أو‭ ‬تحاشيًا‭ ‬لاتهامات‭ ‬قد‭ ‬تطاله‭ ‬والابتعاد‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الثقافة‭ ‬التي‭ ‬تتهم‭ ‬بالإرهاب‭.‬