الصحافة وثقافة الاعتذار

| أحمد البحر

يقول‭ ‬نابليون‭ ‬بونابرت‭ ‬’’أخاف‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬صحف‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬أخاف‭ ‬من‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الطعنات‭ ‬بالرمح‘‘‭. ‬أخال‭ ‬بونابرت‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬قصده‭ ‬تلك‭ ‬الصحافة‭ ‬العاقلة‭ ‬المتزنة،‭ ‬التي‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬البعض‭ ‬الصحافة‭ ‬النزيهة‭ ‬الملتزمة‭ ‬بالمبادئ‭ ‬والقيم،‭ ‬وأستند‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬استخدامه‭ ‬عبارة‭ ‬طعنات،‭ ‬فهذه‭ ‬العبارة‭ ‬تحمل‭ ‬بين‭ ‬طياتها‭ ‬الغدر‭ ‬والذم‭ ‬والقدح،‭ ‬وهي‭ ‬أوصاف‭ ‬ربما‭ ‬تعيش‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬المهنية‭ ‬والنزاهة‭ ‬والأمانة‭ ‬التي‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬الصفات‭ ‬الأصيلة‭ ‬للصحافة‭ ‬العاقلة‭.‬

والآن‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ،‭ ‬أعرض‭ ‬أمامك‭ ‬موقفًا‭ ‬وأترك‭ ‬لحكمتك‭ ‬ومعرفتك‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬تسكين‭ ‬هذا‭ ‬الصحافي‭ ‬في‭ ‬الخانة‭ ‬المناسبة‭ ‬له‭: ‬قال‭ ‬محدثي‭: ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬نشر‭ ‬أحد‭ ‬الصحافيين‭ ‬مقالاً‭ ‬تعرّض‭ ‬في‭ ‬محتواه‭ ‬لشخصي‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬انتقد‭ ‬فيه‭ ‬الموضوع‭ ‬المتعلق‭ ‬بالعمل،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬الأعراف‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬الصحافة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعلني‭ ‬أقابل‭ ‬رئيس‭ ‬ذاك‭ ‬الصحافي‭ ‬وأعرض‭ ‬أمامه‭ ‬المستندات‭ ‬التي‭ ‬تدحض‭ ‬ما‭ ‬ادعاه‭ ‬في‭ ‬مقالته‭ ‬تلك‭ ‬وأطالبه‭ ‬بنشر‭ ‬الحقيقة‭ ‬والاعتذار‭. ‬وتابع‭ ‬محدثي‭: ‬بعد‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬لقائي‭ ‬معه‭ ‬اتصل‭ ‬الرئيس‭ ‬لينقل‭ ‬لي‭ ‬رفض‭ ‬الصحافي‭ ‬تصحيح‭ ‬المعلومات‭ ‬والاعتذار‭.‬

جمعتني‭ ‬الصدفة‭ ‬بأحد‭ ‬المقربين‭ ‬من‭ ‬صاحبنا‭ ‬الصحافي‭ ‬ذاك‭ ‬فأخبرته‭ ‬بموضوعي‭ ‬فردّ‭ ‬قائلاً‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬لديه‭ ‬مبدأ‭ ‬يرفض‭ ‬أن‭ ‬يحيد‭ ‬عنه‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬تكرار‭ ‬اعتذار‭ ‬الصحافي‭ ‬أو‭ ‬تكرار‭ ‬اعترافه‭ ‬بأخطائه‭ ‬يفقده،‭ ‬كما‭ ‬يقول،‭ ‬مصداقيته‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬الجسر‭ ‬الذي‭ ‬يربطه‭ ‬بقرائه‭. ‬ويتساءل‭ ‬محدثي‭ ‬هنا‭: ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬بشأن‭ ‬حق‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬تسبّب‭ ‬هذا‭ ‬الصحافي‭ ‬في‭ ‬إيذائه؟

ثقافة‭ ‬الاعتذار‭ ‬والاعتراف‭ ‬بالخطأ‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬بعض‭ ‬علماء‭ ‬الإدارة،‭ ‬فحين‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬الشخصية‭ ‬قد‭ ‬يراها‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬والتنازل‭. ‬وأنت‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬ما‭ ‬رأيك؟‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬ذاك‭ ‬الصحافي‭ ‬ومبرراته؟