زبدة القول

حادثة القطار وانحطاط “الجزيرة”

| د. بثينة خليفة قاسم

عندما‭ ‬تقع‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬وتسيل‭ ‬الدماء‭ ‬ويسقط‭ ‬ضحايا‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬تتبدى‭ ‬المشاعر‭ ‬الإنسانية‭ ‬بالتعاطف‭ ‬والسعي‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬جنسية‭ ‬الذين‭ ‬سقطوا‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬دينهم،‭ ‬لأن‭ ‬الإنسانية‭ ‬تجمعنا‭ ‬وجلال‭ ‬الموت‭ ‬يجعلنا‭ ‬ننسى‭ ‬الفروق‭ ‬والمذاهب‭ ‬والجنسيات‭ ‬والمواقف‭ ‬السياسية‭ ‬إلى‭ ‬حين‭. ‬

لكن‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬ومواقعها‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالإنسانية‭ ‬والتعاطف‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬حتى‭ ‬بالمهنية‭ ‬والالتزام‭ ‬بالمبادئ‭ ‬وبأخلاقيات‭ ‬مهنة‭ ‬الإعلام‭ ‬والصحافة،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬أصابت‭ ‬دولة‭ ‬معادية‭ ‬لنظام‭ ‬الحمدين‭ ‬الإرهابي‭. ‬

فعندما‭ ‬وقعت‭ ‬حادثة‭ ‬القطار‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬الشقيقة‭ ‬وراح‭ ‬ضحيتها‭ ‬عشرون‭ ‬شخصا‭ ‬وأصيب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين،‭ ‬قامت‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬بإعداد‭ ‬التقارير‭ ‬المزيفة‭ ‬المليئة‭ ‬بالمغالطات‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحميل‭ ‬المسؤولية‭ ‬للرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬نفسه‭ ‬بشكل‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬المهنية‭ ‬والمنطق‭ ‬ولم‭ ‬تركز‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬والمأساوي‭ ‬للحادث‭ ‬الذي‭ ‬هز‭ ‬مشاعر‭ ‬المصريين‭ ‬والعرب‭.‬

في‭ ‬أية‭ ‬شريعة‭ ‬إعلامية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬يسأل‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬عن‭ ‬تقصير‭ ‬أو‭ ‬إهمال‭ ‬سائق‭ ‬القطار‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬جرار‭ ‬القطار‭ ‬يسير‭ ‬وحده‭ ‬بلا‭ ‬مبالاة‭ ‬أو‭ ‬بجهل‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بتعمد؟

تقارير‭ ‬الجزيرة‭ ‬بدت‭ ‬وكأنها‭ ‬أعدت‭ ‬قبل‭ ‬وقوع‭ ‬الحادث‭ ‬لأنها‭ ‬أذيعت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬وحملت‭ ‬المسؤولية‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬وقامت‭ ‬بجلب‭ ‬المرتزقة‭ ‬وشهود‭ ‬الزور‭ ‬لكي‭ ‬تملأ‭ ‬الدنيا‭ ‬ضجيجا‭ ‬وإساءة‭ ‬للقيادة‭ ‬المصرية‭. ‬

لماذا‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬الجزيرة‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬بنفس‭ ‬التغطية‭ ‬عندما‭ ‬تقوم‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬الإرهابية‭ ‬بقتل‭ ‬جنود‭ ‬وضباط‭ ‬مصر؟

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الجزيرة‭ ‬ومن‭ ‬يمولونها‭ ‬لا‭ ‬تشغلهم‭ ‬ولا‭ ‬تؤلمهم‭ ‬دماء‭ ‬المصريين،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬جنودا‭ ‬أو‭ ‬مدنيين،‭ ‬لكن‭ ‬تشغلهم‭ ‬فقط‭ ‬الإساءة‭ ‬لرئيس‭ ‬مصر‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬تخريب‭ ‬مصر‭ ‬وإسقاطها‭ ‬في‭ ‬الفوضى‭.‬

 

هل‭ ‬تجرؤ‭ ‬الجزيرة‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬برنامج‭ ‬أو‭ ‬خبر‭ ‬عن‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬ترعى‭ ‬الإخوان‭ ‬وقيامها‭ ‬بالتنكيل‭ ‬بالأكراد‭ ‬هناك؟‭.‬