زبدة القول

عصر الفضيحة

| د. بثينة خليفة قاسم

نستطيع،‭ ‬دون‭ ‬مبالغة‭ ‬أو‭ ‬تهويل،‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إننا‭ ‬الآن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬الفضيحة،‭ ‬لكثرة‭ ‬الفضائح‭ ‬التي‭ ‬تنقلها‭ ‬بسهولة‭ ‬وسرعة‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬التصوير‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬الفضائح‭ ‬الجنسية‭ ‬التي‭ ‬يسجلها‭ ‬البعض‭ ‬لأنفسهم‭ ‬أو‭ ‬يسجلها‭ ‬طرف‭ ‬آخر‭ ‬لهم‭ ‬ثم‭ ‬تتسرب‭ ‬أو‭ ‬تسرق‭ ‬لتجد‭ ‬طريقها‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬وما‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ليراها‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنه‭ ‬يتم‭ ‬تناقلها‭ ‬بسرعة‭ ‬تشبه‭ ‬سريان‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الهشيم‭.‬

المصيبة‭ ‬الكبرى‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفضائح‭ ‬الخاصة‭ ‬بالعلاقات‭ ‬الجنسية‭ ‬كان‭ ‬طرفاها‭ ‬زوج‭ ‬وزوجة‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬النوم،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬الزوج‭ ‬المريض‭ ‬نفسيا‭ ‬بتصوير‭ ‬العلاقة‭ ‬الحميمة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬زوجته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كاميرات‭ ‬سرية‭ ‬موضوعة‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬بالغرفة‭. ‬وسواء‭ ‬كانت‭ ‬العلاقة‭ ‬المصورة‭ ‬مشروعة‭ ‬أم‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬فهذا‭ ‬ليس‭ ‬موضوعنا‭ ‬هنا،‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬محاسب‭ ‬على‭ ‬فعله‭ ‬أمام‭ ‬الله،‭ ‬لكن‭ ‬المصيبة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬التصوير،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬النشر،‭ ‬والفعلتان‭ ‬هدفهما‭ ‬الابتزاز‭ ‬والانتقام‭. ‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬جنسية‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬مذنبة،‭ ‬فما‭ ‬هو‭ ‬ذنب‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تصويرها‭ ‬ونشر‭ ‬صورها‭ ‬أمام‭ ‬الدنيا‭ ‬كلها‭ ‬وهي‭ ‬مع‭ ‬زوجها؟‭ ‬لقد‭ ‬تابعنا‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬قصة‭ ‬الفيديوهات‭ ‬الجنسية‭ ‬التي‭ ‬تداولتها‭ ‬الدنيا‭ ‬وتحدثت‭ ‬عنها‭ ‬الصحف‭ ‬والفضائيات‭ ‬للمخرج‭ ‬الشهير‭ ‬واثنتين‭ ‬من‭ ‬الممثلات‭ ‬الناشئات‭ ‬وكذلك‭ ‬الفيديو‭ ‬الخاص‭ ‬بنفس‭ ‬الشخص‭ ‬مع‭ ‬سيدة‭ ‬أعمال‭ ‬معروفة‭!‬

الممثلتان‭ ‬وسيدة‭ ‬الأعمال‭ ‬أعلن‭ ‬أنهن‭ ‬كن‭ ‬متزوجات‭ ‬من‭ ‬المخرج‭ ‬المذكور‭ ‬وقدمن‭ ‬عقود‭ ‬زواج‭ ‬عرفية‭ ‬أثناء‭ ‬التحقيق‭ ‬معهن‭ ‬وحبسهن‭ ‬على‭ ‬ذمة‭ ‬التحقيق‭! ‬فماذا‭ ‬لو‭ ‬انتهت‭ ‬التحقيقات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬كن‭ ‬متزوجات‭ ‬فعلا‭ ‬أثناء‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة،‭ ‬فمن‭ ‬الذي‭ ‬سيلام‭ ‬ومن‭ ‬الذي‭ ‬سيعاقب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الفضائح‭ ‬التي‭ ‬قضت‭ ‬عليهن‭ ‬للأبد‭ ‬وقضت‭ ‬على‭ ‬أسرهن‭ ‬وأساءت‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬بأسره،‭ ‬بل‭ ‬أساءت‭ ‬إلى‭ ‬الفن‭ ‬نفسه؟‭ ‬من‭ ‬الظالم‭ ‬هنا؟‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬صور؟‭ ‬ومن‭ ‬الذي‭ ‬نشر؟‭ ‬وحتى‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬النساء‭ ‬المتهمات‭ ‬غير‭ ‬متزوجات،‭ ‬هل‭ ‬يترك‭ ‬الذي‭ ‬صور‭ ‬والذي‭ ‬نشر‭ ‬دون‭ ‬عقوبة؟

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قوانين‭ ‬تردع‭ ‬من‭ ‬يصور‭ ‬ومن‭ ‬ينشر‭ ‬هذه‭ ‬الفيديوهات‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬قوانين‭ ‬تكون‭ ‬قاسية‭ ‬شأن‭ ‬قوانين‭ ‬المخدرات‭ ‬والقتل‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجرائم،‭ ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬المرأة‭ ‬الثمن‭ ‬كاملا‭ ‬وحدها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تصويرها‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭.‬