اللامبالاة شعارنا

| زهير توفيقي

يُعتبر‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬بجميع‭ ‬أطيافه،‭ ‬توليفة‭ ‬رائعة‭ ‬من‭ ‬الأخلاق‭ ‬والطيبة،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬بشهادتنا‭ ‬نحن‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬بشهادة‭ ‬الوافدين‭ ‬وحتى‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬خارج‭ ‬البحرين،‭ ‬فالبحريني‭ ‬بطبيعته‭ ‬إنسان‭ ‬مسالم‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬الحدود،‭ ‬ويغلب‭ ‬عليه‭ ‬الحياء،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬وبحكم‭ ‬تصرفاته‭ ‬الراقية‭ ‬واحترامه‭ ‬النظام‭ ‬والقوانين‭ ‬أثناء‭ ‬رحلاته‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬ترك‭ ‬أثراً‭ ‬طيبا‭ ‬وسمعة‭ ‬رائعة‭.‬

ونتيجة‭ ‬لطبيعته‭ ‬التي‭ ‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬الحياء‭ ‬والخجل،‭ ‬نجد‭ ‬لها‭ ‬بعض‭ ‬الانعكاسات‭ ‬السلبية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬فنرى‭ ‬البحريني‭ ‬يُفضّل‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الجدال‭ ‬والنقاش‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬معه‭ ‬الحق،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬اعتقادي‭ ‬أمر‭ ‬سلبي‭ ‬جداً‭. ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الخاطئة‭ ‬التي‭ ‬نمارسها‭ ‬بشكل‭ ‬يومي،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضاً‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬اللامبالاة‭ ‬التي‭ ‬نُظهرها‭ ‬في‭ ‬مجمل‭ ‬حياتنا‭ ‬وأعمالنا،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬أحياناً‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬مشاهدات‭ ‬نراها‭ ‬بأم‭ ‬أعيننا،‭ ‬وندرك‭ ‬أنها‭ ‬ممارسات‭ ‬خاطئة‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭ ‬جداً‭ ‬علينا‭ ‬وعلى‭ ‬سمعة‭ ‬بلادنا،‭ ‬لكن‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬توضيحها‭ ‬فإننا‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬نكتفي‭ ‬بالسكوت‭ ‬والتجاهل‭. ‬

صفة‭ ‬الجرأة‭ ‬تنقصنا‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬أمام‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬نقف‭ ‬أمامها‭ ‬مكتوفي‭ ‬الأيدي‭ ‬ونُردد‭ ‬قولنا‭ ‬المأثور‭ (‬روح‭ ‬بعيد‭ ‬وتعال‭ ‬سالم‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬الشخصية‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الصفة‭ ‬ليست‭ ‬جيدة‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نتحرر‭ ‬منها،‭ ‬حيث‭ ‬يتعيّن‭ ‬علينا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬رأينا‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬تصرف‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭ ‬أو‭ ‬لائق‭ ‬أن‭ ‬نُبادر‭ ‬بتنبيه‭ ‬مرتكب‭ ‬هذا‭ ‬العمل،‭ ‬أو‭ ‬نقوم‭ ‬بإبلاغ‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬حسب‭ ‬طبيعة‭ ‬المخالفة‭.‬

صدقوني‭ ‬أننا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬بادرنا‭ ‬بتبني‭ ‬هذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬سيمنع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬ارتكاب‭ ‬المخالفات‭ ‬كما‭ ‬سيحدّ‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬السلوكيات‭ ‬الخاطئة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتسع‭ ‬المجال‭ ‬هنا‭ ‬لاستعراضها،‭ ‬شخصياً‭ ‬أمارس‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬الذي‭ ‬أعتبره‭ ‬مسؤوليتي‭ ‬تجاه‭ ‬مجتمعي،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أسمح‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬بتشويه‭ ‬اسم‭ ‬ديرتنا‭ ‬الحبيبة‭ ‬البحرين،‭ ‬وأنا‭ ‬أطالب‭ ‬الجميع‭ ‬بممارسة‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬فإن‭ ‬لذلك‭ ‬وقعا‭ ‬كالسحر،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬تام‭ ‬بأننا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬التزمنا‭ ‬بهذه‭ ‬الممارسات‭ ‬ستتغيّر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬السيئة‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬الناس‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬كنت‭ ‬أقود‭ ‬مركبتي‭ ‬قاصداً‭ ‬عملي،‭ ‬وفجأة‭ ‬خالف‭ ‬أحد‭ ‬السواقين‭ ‬نظام‭ ‬المرور‭ ‬بشكل‭ ‬صارخ‭ ‬وكاد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬وقوع‭ ‬حادث‭ ‬بليغ‭ ‬لولا‭ ‬رحمة‭ ‬رب‭ ‬العالمين،‭ ‬ونظرًا‭ ‬لأن‭ ‬السيارة‭ ‬كانت‭ ‬تابعة‭ ‬لإحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬وطبع‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬المركبة‭ ‬عبارة‭ (‬كيف‭ ‬ترى‭ ‬سياقتي‭) ‬ومدون‭ ‬عليها‭ ‬رقم‭ ‬الهاتف،‭ ‬بادرت‭ ‬بالاتصال‭ ‬بالرقم،‭ ‬وقمت‭ ‬بإبلاغ‭ ‬المؤسسة‭ ‬بهذه‭ ‬المخالفة‭ ‬حيث‭ ‬قاموا‭ ‬بشكري‭ ‬وتقديري‭ ‬على‭ ‬الاتصال‭ ‬والإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الواقعة‭. ‬وقصدت‭ ‬أن‭ ‬أعطي‭ ‬هذا‭ ‬المثال‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأن‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬فقط‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بهذا‭ ‬الفعل‭ ‬رغم‭ ‬أهميته،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬بيدي‭ ‬لقمت‭ ‬بإلزام‭ ‬جميع‭ ‬المركبات‭ ‬المملوكة‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬والحكومية‭ ‬بوضع‭ ‬عبارة‭ ‬“كيف‭ ‬ترى‭ ‬سياقتي”‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لتهور‭ ‬الكثير‭ ‬ومنعهم‭ ‬من‭ ‬ارتكاب‭ ‬مخالفات‭ ‬قد‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬وقوع‭ ‬عواقب‭ ‬وخيمة‭.‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنبر‭ ‬الإعلامي،‭ ‬أوجه‭ ‬الدعوة‭ ‬للسلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬إصدار‭ ‬القرار‭ ‬أعلاه‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬سلامة‭ ‬للجميع‭. ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬