أجور البحرينيين

| د.علي الصايغ

جميع‭ ‬التفنيدات،‭ ‬ومحاولات‭ ‬إبداء‭ ‬صعوبة‭ ‬إحلال‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الوظائف‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬منا،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬نتجادل‭ ‬بشأنها‭! ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ندفع‭ ‬باتجاه‭ ‬توظيف‭ ‬البحرينيين،‭ ‬وإحلال‭ ‬القوى‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬كافة؛‭ ‬فالبحرينيون‭ ‬لا‭ ‬يقلون‭ ‬كفاءة‭ ‬عن‭ ‬الأجانب‭ ‬أبداً،‭ ‬ويمتلكون‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إتمام‭ ‬مختلف‭ ‬الأعمال،‭ ‬فقد‭ ‬تخصصوا‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المجالات،‭ ‬وأصبحت‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬جداً‭ ‬منهم‭ ‬تحمل‭ ‬شهادات‭ ‬أكاديمية‭ ‬واحترافية‭ ‬دقيقة‭ ‬التخصص‭.‬

لكن‭ ‬عجباً‭ ‬منا،‭ ‬ونحن‭ ‬نُقيّم،‭ ‬ونهب‭ ‬الأجانب‭ ‬أجوراً‭ ‬ورواتب‭ ‬تفوق‭ ‬بكثير‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يتقاضاه‭ ‬البحريني‭ ‬العامل‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المنصب‭ ‬أو‭ ‬الوظيفة‭ ‬والمجال‭ ‬والمستوى،‭ ‬هي‭ ‬قناعة‭ ‬لم‭ ‬تنفك‭ ‬عن‭ ‬واقعنا‭ ‬المُعاش‭ ‬قدم‭ ‬عهدنا،‭ ‬نعرفها‭ ‬جيداً،‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬نظرة‭ ‬موروثة،‭ ‬صدحت‭ ‬على‭ ‬ألسنتنا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬الشهير‭ (‬عذاري‭ ‬تسقي‭ ‬لبعيد‭ ‬وتخلي‭ ‬الجريب‭)!‬،‭ ‬ولم‭ ‬تزل‭ ‬عقدة‭ ‬الرجل‭ ‬الأجنبي‭ ‬حاضرة؛‭ ‬ليس‭ ‬الأجنبي‭ ‬صاحب‭ ‬خصل‭ ‬الشعر‭ ‬الشقراء‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬غير‭ ‬البحريني‭ ‬مُطلقاً،‭ ‬هذه‭ ‬العقدة‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬متشبثة‭ ‬بممارسات‭ ‬الكثيرين،‭ ‬مستفحلة‭ ‬بعدم‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬أوهموا‭ ‬أنفسهم‭ ‬بها،‭ ‬وبأن‭ ‬البحريني‭ ‬ليس‭ ‬مُجداً،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ملتزم،‭ ‬وهو‭ ‬كلام‭ ‬سمعته‭ ‬من‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أرباب‭ ‬الأعمال؛‭ ‬الذين‭ ‬يفضلون‭ ‬توظيف‭ ‬الأجانب‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬البلد،‭ ‬بل‭ ‬يرفعون‭ ‬أجورهم،‭ ‬ويزيدون‭ ‬ترقياتهم،‭ ‬حتى‭ ‬غدوا‭ ‬يتحكمون‭ ‬بسير‭ ‬الأعمال،‭ ‬بل‭ ‬والإسراف‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬من‭ ‬يشاؤون‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬جلدتهم‭!‬

بعض‭ ‬النماذج‭ ‬البحرينية‭ ‬المقصرة‭ ‬النادرة،‭ ‬أخذت‭ ‬حظاً‭ ‬وافراً‭ ‬من‭ ‬التعميم،‭ ‬لتجحد‭ ‬بدورها‭ ‬الفرد‭ ‬البحريني‭ ‬المعطاء،‭ ‬والطاقات‭ ‬البحرينية‭ ‬المُجدة،‭ ‬وتجعلهم‭ - ‬للأسف‭ - ‬أمام‭ ‬تحدٍ‭ ‬صخري،‭ ‬لا‭ ‬يقدرهم،‭ ‬ويجحف‭ ‬حقهم‭! ‬

هذه‭ ‬دعوة‭ ‬صادقة‭ ‬لكل‭ ‬غيور‭ ‬على‭ ‬وطنه،‭ ‬لكل‭ ‬محب‭ ‬لأهله،‭ ‬لكل‭ ‬بحريني‭ ‬من‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬وأصحاب‭ ‬الأعمال،‭ ‬بأن‭ ‬يدعموا‭ ‬أبناء‭ ‬بلدهم،‭ ‬خصوصا‭ ‬الشباب‭ ‬منهم،‭ ‬فهم‭ ‬مستقبل‭ ‬البحرين‭ ‬وفخرها‭.‬