فجر جديد

الرياء في العمل الوطني

| إبراهيم النهام

أفرزت‭ ‬المراحل‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬مرّت‭ ‬بها‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الخمس‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬عن‭ ‬أرطال‭ ‬بشرية‭ ‬من‭ (‬الغث‭ ‬والسمين‭) ‬ممن‭ ‬عرت‭ ‬المواقف‭ ‬والأحداث‭ ‬الجسام،‭ ‬هشاشة‭ ‬معدنها،‭ ‬وفئويتها‭ ‬المغلقة‭ ‬على‭ ‬مصالحها‭ ‬هي،‭ ‬ولا‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭.‬

الأكوام‭ ‬الرثة‭ ‬هذه،‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬تخطو‭ ‬خطوة‭ ‬واحدة‭ ‬للأمام،‭ ‬إلا‭ ‬بمقياس‭ ‬النفعية،‭ ‬والمصلحة،‭ ‬و‭(‬الشيء‭ ‬مقابل‭ ‬الشيء‭)‬،‭ ‬وكم‭ ‬رأينا‭ -‬بـأسف‭- ‬من‭ ‬وصل‭ ‬منهم‭ ‬وتدرّج،‭ ‬وترقّى،‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬غيره،‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬ينتظر‭ ‬مقابلاً‭ ‬للولاء،‭ ‬ولمحبة‭ ‬البلد‭ ‬وأهلها‭.‬

استذكرت‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬من‭ ‬أحدهم،‭ ‬يجاهد‭ ‬فيه‭ ‬اختزال‭ ‬النجاحات‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬أفشلت‭ ‬الأزمة‭ ‬الانقلابية‭ ‬العام‭ ‬2011‭ ‬لنفسه،‭ ‬وكأن‭ ‬الفضل‭ ‬له‭ ‬هو،‭ ‬وأنه‭ ‬لولاه‭ ‬لكانت‭ ‬البحرين‭ ‬بخبر‭ ‬كان‭.‬

هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬الفارغ،‭ ‬والذي‭ ‬يكرّره‭ ‬جمع‭ ‬آخرون‭ ‬على‭ ‬مسامعنا،‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر،‭ ‬يشير‭ ‬إليهم‭ ‬بالإصبع،‭ ‬كمواطني‭ ‬مصلحة،‭ ‬ينتظرون‭ ‬المقابل‭ ‬البخس،‭ ‬لولائهم،‭ ‬ولتضحياتهم‭ ‬المزعومة،‭ ‬يقابلهم‭ ‬جمع‭ ‬غفير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الصامت،‭ ‬ممن‭ ‬قدّم‭ ‬التضحيات‭ ‬والمواقف‭ ‬الكبرى،‭ ‬بوازع‭ ‬وطني‭ ‬خالص،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينتظروا‭ ‬شكرًا‭ ‬أو‭ ‬جزاءً‭ ‬من‭ ‬أحد‭.‬

صعود‭ ‬الموجة،‭ ‬واقتطاف‭ ‬ثمرة‭ ‬الآخرين،‭ ‬وسرقة‭ ‬جهودهم،‭ ‬ونسبها‭ ‬لمن‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬الفضل،‭ ‬ليست‭ ‬موهبة،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬لعنة،‭ ‬ابتلي‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬ابتلي،‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬غيره،‭ ‬ممن‭ ‬عمل،‭ ‬واجتهد،‭ ‬وكرّس‭ ‬وقته‭ ‬ودمه‭ ‬للبحرين،‭ ‬بواجب‭ ‬لا‭ ‬يجاهر‭ ‬فيه،‭ ‬ولا‭ ‬يُذكر‭ ‬فيه‭ ‬الآخرين‭ ‬بما‭ ‬فعل،‭ ‬لأجل‭ ‬وطن‭ ‬يتمرغ‭ ‬في‭ ‬خيره‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬فإن‭ ‬النظر‭ ‬بمجهر‭ ‬الحقيقة،‭ ‬لرجالات‭ ‬البلد‭ ‬الأوفياء،‭ ‬المخلصين،‭ ‬لهو‭ ‬واجب‭ ‬على‭ ‬الدولة،‭ ‬وعامل‭ ‬مساند‭ ‬ومساعد‭ ‬لها،‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬بالمسار‭ ‬الصحيح،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عمن‭ ‬يصدح‭ ‬بشعارات‭ ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬أهلاً‭ ‬لها‭.‬