ومضة قلم

أرقام وزارة العمل

| محمد المحفوظ

منذ‭ ‬سنوات‭ ‬ونحن‭ ‬نطالب‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بإيجاد‭ ‬آلية‭ ‬جديدة‭ ‬خلاف‭ ‬الآلية‭ ‬السائدة‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬فشلها،‭ ‬فالتصريحات‭ ‬التي‭ ‬تعلنها‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬بأنه‭ ‬يتم‭ ‬توظيف‭ ‬بين‭ ‬1500‭ ‬إلى‭ ‬1800‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬كانت‭ ‬تثير‭ ‬علامات‭ ‬التعجب‭ ‬والدهشة‭ ‬لدى‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬العاطلين،‭ ‬ويتساءل‭ ‬كل‭ ‬عاطل‭ ‬بحرقة‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬أكون‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يتم‭ ‬توظيفهم؟‭ ‬

الكارثة‭ ‬تتكشف‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬أخرى‭ ‬عندما‭ ‬تضخمت‭ ‬أعداد‭ ‬العاطلين،‭ ‬وتذكرني‭ ‬مأساة‭ ‬العاطلين‭ ‬بمسرحية‭ (‬الجثة‭) ‬للكاتب‭ ‬المسرحي‭ ‬يوجين‭ ‬أونيل‭ ‬وملخصها‭ ‬أنّ‭ ‬زوجين‭ ‬أنجبا‭ ‬طفلا‭ ‬ميتا‭ ‬وتركا‭ ‬جثته‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬النوم،‭ ‬ومع‭ ‬الوقت‭ ‬تبدأ‭ ‬الجثة‭ ‬بالنمو‭ ‬والتضخم‭ ‬حتى‭ ‬تحتل‭ ‬المسكن‭ ‬كله،‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬فيه‭ ‬الزوجان‭ ‬أنهما‭ ‬تركا‭ ‬الجثة‭ ‬تكبر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يهتما‭ ‬بعلاجها‭ ‬حتى‭ ‬احتلت‭ ‬المساحات‭ ‬الفارغة‭ ‬وانتشرت،‭ ‬وكان‭ ‬التساؤل‭ ‬هل‭ ‬الخلاص‭ ‬هو‭ ‬الهروب‭ ‬أم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬الحل؟‭ ‬

يعتقد‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬التوظيف‭ ‬بوزارة‭ ‬العمل‭ ‬أنّ‭ ‬مجرد‭ ‬إعلان‭ ‬أرقام‭ ‬من‭ ‬تم‭ ‬توظيفهم‭ ‬كفيل‭ ‬بحل‭ ‬المعضلة‭ ‬من‭ ‬أساسها‭ ‬والمفارقة‭ ‬أنّ‭ ‬الوزارة‭ ‬تسجل‭ ‬ذلك‭ ‬ضمن‭ ‬إنجازاتها‭ ‬بينما‭ ‬الحقيقة‭ ‬مختلفة،‭ ‬كم‭ ‬كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬لو‭ ‬أنّ‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬توظيف‭ ‬العاطلين‭ ‬اعتمدوا‭ ‬لغة‭ ‬المصارحة‭ ‬لأنها‭ ‬الأجدى‭ ‬والأكثر‭ ‬واقعية‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬الأزمة‭ ‬وكنا‭ ‬سنقدم‭ ‬لهم‭ ‬الشكر،‭ ‬ماذا‭ ‬يضيرهم‭ ‬لو‭ ‬أنهم‭ ‬أعلنوا‭ ‬بأنّ‭ ‬هناك‭ ‬جهات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬كالشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬لا‭ ‬تبدي‭ ‬الاستعداد‭ ‬للتعاون‭ ‬وأنّ‭ ‬هناك‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭ ‬تمارس‭ ‬الاحتيال‭ ‬والالتفاف‭ ‬على‭ ‬القانون؟

لا‭ ‬نقلل‭ ‬ولا‭ ‬نستهين‭ ‬بصعوبة‭ ‬وتعقيد‭ ‬ملف‭ ‬بحجم‭ ‬البطالة‭ ‬ولا‭ ‬جهد‭ ‬المخلصين،‭ ‬وكان‭ ‬مطلبنا‭ ‬ينصب‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬وحجمها‭ ‬الحقيقي،‭ ‬ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬أحدا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتقبل‭ ‬أو‭ ‬يصدق‭ ‬ما‭ ‬يساق‭ ‬من‭ ‬مزاعم‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬إصرار‭ ‬الخريجين‭ ‬على‭ ‬وظائف‭ ‬محددة‭ ‬كالأعمال‭ ‬المكتبية‭ ‬لأن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الادعاء‭ ‬نقيض‭ ‬للواقع‭ ‬تماما‭ ‬ويمثل‭ ‬ظلما‭ ‬صارخا‭ ‬لشبابنا،‭ ‬فالأغلبية‭ ‬منهم‭ ‬لديها‭ ‬الاستعداد‭ ‬لقبول‭ ‬أية‭ ‬وظيفة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تناسب‭ ‬تخصصاتهم‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬موقع‭ ‬كان‭.‬