الرقابة البرلمانية

| عبدعلي الغسرة

تعتبر‭ ‬الرقابة‭ ‬البرلمانية‭ ‬إحدى‭ ‬سياسات‭ ‬الإصلاح‭ ‬السياسي‭ ‬وأداة‭ ‬لتعزيز‭ ‬البناء‭ ‬الديمقراطي‭ ‬للمؤسسات،‭ ‬والهدف‭ ‬منها‭ ‬مراقبة‭ ‬أداء‭ ‬أشغال‭ ‬الدولة‭ ‬بمتابعة‭ ‬المشاريع‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬الحكومة‭ ‬الذي‭ ‬وافق‭ ‬عليه‭ ‬البرلمان،‭ ‬وذلك‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬مبدأ‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬الثلاث‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬والقضائية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الدستور‭ ‬والقانون،‭ ‬وتلعب‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬الدور‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬والرقابة‭ ‬كممارسة‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬بل‭ ‬ملاحظة‭ ‬ومتابعة‭ ‬أشغال‭ ‬الحكومة‭ ‬ضمن‭ ‬القواعد‭ ‬الدستورية‭ ‬والقانونية‭.‬‭ ‬

إن‭ ‬عملية‭ ‬الرقابة‭ ‬البرلمانية‭ ‬تتطلب‭ ‬أولا‭ ‬ــ‭ ‬توفر‭ ‬الرغبة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للنواب‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬أداء‭ ‬الحكومة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬برنامجها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬لدى‭ ‬البرلمان‭ ‬من‭ ‬صلاحيات‭ ‬قانونية‭ ‬وأنظمة‭ ‬ولائحة‭ ‬داخلية‭ ‬تنظم‭ ‬عمل‭ ‬المجلس،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الصلاحيات‭ ‬البرلمانية‭ ‬متوفرة‭ ‬بموجب‭ ‬القوانين‭ ‬فإن‭ ‬إرادة‭ ‬البرلمانيين‭ ‬ورغبتهم‭ ‬بالرقابة‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قوانين‭ ‬ولا‭ ‬لوائح‭ ‬بل‭ ‬تصيغها‭ ‬إراداتهم‭ ‬كواجب‭ ‬على‭ ‬عاتقهم‭ ‬باعتبارهم‭ ‬مُنتخبين‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬ومُمثلين‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬ما‭ ‬يُحتم‭ ‬عليهم‭ ‬القيام‭ ‬بالرقابة‭ ‬والمتابعة‭. ‬

ثانيًا‭ ‬ــ‭ ‬توفر‭ ‬الثقافة‭ ‬القانونية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الحوار‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬ومتابعة‭ ‬النائب‭ ‬البرنامج‭ ‬الحكومي،‭ ‬فبقدر‭ ‬ما‭ ‬يمتلك‭ ‬النائب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأوعية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يجمع‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬وبيانات‭ ‬حول‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬فيصبح‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬مهمته‭ ‬الرقابية‭.‬

ثالثًا‭ ‬ــ‭ ‬الظروف‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬ظلها‭ ‬البرلمان،‭ ‬فممارسة‭ ‬العمل‭ ‬النيابي‭ ‬تتطلب‭ ‬مسارًا‭ ‬ديمقراطيًا‭ ‬حُرًا‭ ‬ومساحة‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬الفكر‭ ‬والرأي‭ ‬والتعبير،‭ ‬وهذه‭ ‬عوامل‭ ‬أساسية‭ ‬تعزز‭ ‬عمل‭ ‬النائب‭ ‬وتلعب‭ ‬دورًا‭ ‬في‭ ‬تكييف‭ ‬الحياة‭ ‬النيابية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬كوسيلة‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬الوطني‭. ‬

رابعًا‭ ‬ــ‭ ‬تساهم‭ ‬الكتل‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬بدور‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬النواب‭ ‬الفرادى‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬أشغال‭ ‬الحكومة،‭ ‬فالكتل‭ ‬السياسية‭ ‬رأيها‭ ‬أقوى‭ ‬وأضمن‭ ‬للقبول‭ ‬من‭ ‬رأي‭ ‬الفرد‭ ‬الواحد‭.‬

خامسًا‭ ‬ــ‭ ‬العامل‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يلتزم‭ ‬النواب‭ ‬أثناء‭ ‬أداء‭ ‬مهام‭ ‬الرقابة‭ ‬البرلمانية‭ ‬بالإجراءات‭ ‬والقواعد‭ ‬المُنظمة‭ ‬لممارستها‭.‬

يحتاج‭ ‬النواب‭ ‬لأداء‭ ‬دورهم‭ ‬بجانب‭ ‬القوانين‭ ‬واللوائح‭ ‬الداخلية‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التجهيزات‭ ‬الإدارية‭ ‬والفنية‭ ‬والبحثية‭ ‬البرلمانية‭ ‬المتخصصة‭ ‬والكفاءات‭ ‬الإدارية‭ ‬التي‭ ‬ترفد‭ ‬النواب‭ ‬بالمعلومات‭ ‬والبيانات‭ ‬لتعزز‭ ‬دورهم‭ ‬البرلماني‭.‬

 

تلعب‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬الدور‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬والرقابة‭ ‬كممارسة‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬بل‭ ‬ملاحظة‭ ‬ومتابعة‭ ‬أشغال‭ ‬الحكومة‭ ‬ضمن‭ ‬القواعد‭ ‬الدستورية‭ ‬والقانونية