فجر جديد

شعب البحرين والتدخلات الجديدة

| إبراهيم النهام

قبل‭ ‬خمسين‭ ‬عامًا‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬كانت‭ ‬القوى‭ ‬العسكرية‭ ‬والجيوش‭ ‬الجرارة،‭ ‬من‭ ‬لها‭ ‬القول‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬مستقبل‭ ‬الأنظمة‭ ‬والشعوب‭ ‬والأوطان،‭ ‬وكانت‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬يضع‭ ‬النقطة‭ ‬على‭ ‬نهاية‭ ‬السطر،‭ ‬لتنهي‭ ‬فصول‭ ‬دامية‭ ‬تسكب‭ ‬لها‭ ‬الدماء،‭ ‬وتوقد‭ ‬لها‭ ‬النيران‭ ‬القاضمة‭ ‬للأخضر‭ ‬واليابس،‭ ‬ولكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أمامها‭.‬

اليوم،‭ ‬اختلف‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬تمامًا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬الدكاكين‭ ‬الحقوقية،‭ ‬وحصالات‭ ‬المنظمات‭ ‬المأجورة،‭ ‬والتي‭ ‬تعمل‭ ‬باجتهاد‭ ‬تام،‭ ‬وحرفية‭ ‬بالغة،‭ ‬لأهداف‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬تكسب‭ ‬المال،‭ ‬وتمرير‭ ‬الأجندات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬الطامعة‭ ‬بثروات‭ ‬الشعوب‭ ‬ومقدراتها‭.‬

تعمل‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ ‬عدة،‭ ‬كعامل‭ ‬ضغط‭ ‬وكبس‭ ‬على‭ ‬الحكومات،‭ ‬والأنظمة،‭ ‬والشعوب،‭ ‬عبر‭ ‬نقل‭ ‬السيناريوهات‭ ‬الزائفة‭ ‬عنها،‭ ‬وعن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بها،‭ ‬لتكون‭ ‬بوابة‭ ‬رحبة‭ ‬للدخول،‭ ‬وللإفساد،‭ ‬وإثارة‭ ‬الفتن‭.‬

وفي‭ ‬أزمة‭ ‬2011‭ ‬تكشفت‭ ‬نواياها،‭ ‬عرفنا‭ ‬متى‭ ‬تتحرك؟‭ ‬وأين‭ ‬تتحرك؟‭ ‬ومع‭ ‬من؟‭ ‬ولأجل‭ ‬من؟‭ ‬ولماذا؟

وعرفنا‭ ‬أيضًا‭ - ‬بعد‭ ‬ارتباك‭ ‬قصير‭- ‬لماذا‭ ‬تتجاهل‭ ‬الإنصات‭ ‬للرأي‭ ‬الرسمي‭ ‬والأهلي‭ ‬في‭ ‬بلادنا؟‭ ‬لماذا‭ ‬تنظر‭ ‬للأحداث‭ ‬بالعين‭ ‬الواحدة؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تكترث‭ ‬للانتهاكات‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وسوريا‭ ‬وفلسطين؟‭ ‬لماذا‭ ‬تسارع‭ ‬بنشر‭ ‬التقارير‭ ‬المستوردة‭ ‬بلا‭ ‬تردد؟

هذه‭ ‬هي‭ ‬ببساطة‭ ‬الحرب‭ ‬الجديدة،‭ ‬والاستعمار‭ ‬الجديد،‭ ‬والتغلغل‭ ‬الجديد،‭ ‬كيف‭ ‬أسقط‭ ‬الأنظمة‭ ‬وارهبها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أطلق‭ ‬رصاصة‭ ‬واحدة؟‭ ‬كيف‭ ‬أفرض‭ ‬الوصاية‭ ‬عليها‭ ‬وعلى‭ ‬حكامها؟‭ ‬كيف‭ ‬أضعها‭ ‬تحت‭ ‬مجهر‭ ‬النقد‭ ‬والتذمر‭ ‬الدولي؟‭ ‬كيف‭ ‬أطمس‭ ‬سمعتها‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬لكي‭ ‬تعدل‭ ‬عن‭ ‬أحكامها‭ ‬القضائية،‭ ‬وعن‭ ‬سيادتها،‭ ‬وعن‭ ‬هويتها؟

في‭ ‬البحرين،‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الصغير‭ ‬بجغرافية،‭ ‬الكبير‭ ‬بأبنائه،‭ ‬كانت‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬مثالا‭ ‬يعلم‭ ‬به‭ ‬الآخرون،‭ ‬عن‭ ‬مفاهيم‭ ‬الشجاعة،‭ ‬والانتماء،‭ ‬والولاء‭ ‬للقيادة‭ ‬والأرض‭.‬