اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية

| عبدعلي الغسرة

يُصادف‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الذي‭ ‬أقرته‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬بغية‭ ‬تحقيق‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬وتعزيزًا‭ ‬لحقوق‭ ‬الشعوب‭ ‬والمهاجرين،‭ ‬وقد‭ ‬أعلنته‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬نوفمبر‭ ‬2007م‭. ‬

العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قرارًا‭ ‬أو‭ ‬قانونًا‭ ‬هي‭ ‬مبدأ‭ ‬تشريعي‭ ‬ديني‭ ‬أقرته‭ ‬جميع‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية،‭ ‬والعدل‭ ‬اسم‭ ‬من‭ ‬أسماء‭ ‬الله‭ ‬الحُسنى،‭ ‬ويتحقق‭ ‬في‭ ‬ظله‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‭ ‬الإنساني‭ ‬بنيله‭ ‬حقوقه‭ ‬الإنسانية‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬أو‭ ‬خارجها،‭ ‬وهو‭ ‬مبدأ‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬إزالة‭ ‬جميع‭ ‬الحواجز‭ ‬بين‭ ‬البشر،‭ ‬وجعلهم‭ ‬فردًا‭ ‬واحدًا‭ ‬في‭ ‬وعاء‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬والحماية‭ ‬وكل‭ ‬الحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬أقرها‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والمواثيق‭ ‬والعهود‭ ‬التابعة‭ ‬له،‭ ‬وقد‭ ‬جسدت‭ ‬المادة‭ (‬4‭) ‬من‭ ‬دستور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مبادئ‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬أقرتها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

وسيكون‭ ‬احتفال‭ ‬2019م‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ (‬العمل‭ ‬لأجل‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭... ‬طريقنا‭ ‬للسلم‭ ‬والتنمية‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لدور‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وأهميتها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬السِلم‭ ‬والتنمية‭ ‬المُستدامة،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والأقطار‭ ‬العربية‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬سياسية‭ ‬مزرية‭ ‬وعسكرية‭ ‬مُهلكة‭ ‬واقتصادية‭ ‬هِشة‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬تعيشه‭ ‬من‭ ‬نزاعات‭ ‬سياسية‭ ‬وحروب‭ ‬عسكرية،‭ ‬ما‭ ‬اضطر‭ ‬الكثيرين‭ ‬إلى‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬أقطارهم‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬والحياة‭. ‬وبهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬فإن‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ (‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬وتوفير‭ ‬نوعية‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬المهن‭ ‬وتحسين‭ ‬فرص‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأشغال‭ ‬لأربعين‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬ممن‭ ‬هُم‭ ‬في‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬للعمل‭ ‬كفيل‭ ‬بزيادة‭ ‬الدخل‭ ‬العام‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مجتمعات‭ ‬أكثر‭ ‬تماسكًا‭ ‬وإنصافًا‭).‬

وبجانب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬الأممية‭ ‬والقوانين‭ ‬الوطنية‭ ‬لبلدان‭ ‬العالم‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مازالت‭ ‬حُلمًا‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬تُعانيه‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬سياسية‭ ‬وأوجاع‭ ‬اقتصادية‭ ‬وحروب،‭ ‬كالفقر‭ ‬والجوع‭ ‬وإنكار‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحروب‭ ‬البينية‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬قضت‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬ومحت‭ ‬المساواة‭ ‬وأزالت‭ ‬التسامح‭.‬

إن‭ ‬الإنسان‭ ‬يحتاج‭ ‬دائمًا‭ ‬إلى‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬فهي‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة،‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬بمعاملة‭ ‬بلاده‭ ‬له‭ ‬معاملة‭ ‬تليق‭ ‬بإنسانيته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬ما‭ ‬يستحقه‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬حقيقية،‭ ‬ونيله‭ ‬الامتيازات‭ ‬التي‭ ‬تجعله‭ ‬مُواطنًا‭ ‬مُنتميًا‭ ‬لبلاده،‭ ‬وحصوله‭ ‬على‭ ‬نصيبه‭ ‬العادل‭ ‬من‭ ‬ثرواتها،‭ ‬وضمان‭ ‬حقوقه‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬الفكر‭ ‬والتعبير،‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والتعليم‭ ‬والمأوى،‭ ‬والمُشاركة‭ ‬الصادقة‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬القرار‭ ‬الوطني‭.‬