تكلفة الازدحامات

| د.علي الصايغ

لن‭ ‬ألقي‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬بل‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬تعبيد‭ ‬الطرق‭ ‬والشوارع،‭ ‬وتطويرها،‭ ‬وأعني‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬وشؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني؛‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬للازدحامات‭ ‬المرورية‭ - ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬الخاصة‭ - ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬شوارع‭ ‬كافية‭ ‬تستوعب‭ ‬الأعداد‭ ‬المتزايدة‭ ‬للمركبات،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ضيق‭ ‬هذه‭ ‬الشوارع،‭ ‬وقلة‭ ‬مساراتها،‭ ‬وتصليحاتها‭ ‬الكثيرة‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى،‭ ‬والتي‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬غالياً‭ ‬سواق‭ ‬المركبات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬مشكلة‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬إقبال‭ ‬الزبائن؛‭ ‬لأن‭ ‬التصليحات‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬موازية‭ ‬للمحلات‭ ‬التجارية‭ ‬تصعب‭ ‬الوصول‭ ‬إليها،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عزوف‭ ‬بعض‭ ‬المشترين‭ ‬عن‭ ‬الشراء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المحلات‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬التصليحات،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬تعويض‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬مشكلة‭ ‬آنية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬بل‭ ‬قديمة‭ ‬العهد‭. ‬وقد‭ ‬اشتكى‭ ‬لي‭ ‬أحد‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬المحلات،‭ ‬قائلاً‭ ‬إنه‭ ‬“إلى‭ ‬جانب‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وما‭ ‬نجم‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬انحسار‭ ‬لعمليات‭ ‬الشراء‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬فإننا‭ ‬نواجه‭ ‬مشكلة‭ ‬هذه‭ ‬التصليحات‭ ‬التي‭ ‬ندفع‭ ‬ثمنها‭ ‬غالياً”‭.‬

هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬تتسبب‭ ‬به‭ ‬الازدحامات‭ ‬المرورية‭ ‬من‭ ‬تضييع‭ ‬للوقت‭ ‬وتأثير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الإنتاجية‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬وأمراض‭ ‬نفسية‭ ‬شاهدتُ‭ ‬عنها‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬برنامجاً‭ ‬تلفزيونياً‭ ‬كاملاً،‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬النفسية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬التعرض‭ ‬للازدحامات‭ ‬المرورية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬النفسي‭ ‬السلبي‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭. ‬

البحرين‭ ‬صغيرة‭ ‬الحجم‭ ‬جغرافياً،‭ ‬وهذا‭ ‬كلام‭ ‬مكرر‭ ‬والجميع‭ ‬يعرفه،‭ ‬فمن‭ ‬السهل‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نوفر‭ ‬شوارع‭ ‬وطرقا‭ ‬مناسبة،‭ ‬صغر‭ ‬المساحة‭ ‬الجغرافية‭ ‬نقطة‭ ‬إيجابية‭ ‬لصالحنا؛‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬عناء‭ ‬ولا‭ ‬تكلفة‭ ‬باهظة‭ ‬لبناء‭ ‬الشوارع‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الازدحامات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مشاريع‭ ‬مثل‭ ‬سكك‭ ‬القطارات‭ ‬وما‭ ‬شابه،‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬التزايد‭ ‬المستمر‭ ‬للازدحامات‭ ‬المرورية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬