40 عاما من الأزمات المتعددة

| عبدعلي الغسرة

في‭ ‬إحصائية‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬لفترة‭ ‬40‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬استيلاء‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬توضح‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬مازال‭ ‬يحلم‭ ‬بتصدير‭ ‬ثورته‭ ‬كمنتج‭ ‬طائفي‭ ‬إلى‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية،‭ ‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬وبعد‭ ‬40‭ ‬عامًا‭ ‬يحصد‭ ‬ما‭ ‬جنته‭ ‬سياسته‭ ‬المحملة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬فعلاقاته‭ ‬السياسية‭ ‬متدنية‭ ‬واقتصاده‭ ‬متداع‭ ‬والشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬بجميع‭ ‬قومياته‭ ‬يعيش‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والعوز‭ ‬عدا‭ ‬المنتسبين‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬والذين‭ ‬يرفعون‭ ‬شعاراته‭ ‬ويحلمون‭ ‬بتحقيق‭ ‬أهدافه،‭ ‬بجانب‭ ‬دعمه‭ ‬الميليشيات‭ ‬المؤججة‭ ‬للنزاعات‭ ‬الطائفية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭.‬

لقد‭ ‬قامت‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الخلاص‭ ‬والتحرر‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الشاهنشاهي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬الدينية‭ ‬والتجارية‭ ‬غيروا‭ ‬دفة‭ ‬الثورة‭ ‬إلى‭ ‬اتجاه‭ ‬آخر،‭ ‬اتجاه‭ ‬مُعاكس‭ ‬لرغبات‭ ‬وتطلعات‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬فجر‭ ‬الثورة‭ ‬آملًا‭ ‬الخلاص،‭ ‬طامحًا‭ ‬للتغيير‭ ‬السياسي،‭ ‬راغبًا‭ ‬بالتقدم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والعلمي‭ ‬والثقافي،‭ ‬مُتطلعًا‭ ‬إلى‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أهداف‭ ‬النظام‭ ‬وتطلعاته‭ ‬التوسعية‭ ‬قادته‭ ‬إلى‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬حفرة‭ ‬عميقة‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬جعلته‭ ‬في‭ ‬عزلة‭ ‬داخلية‭ ‬ومحاصرة‭ ‬خارجية‭ ‬أبرزها‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية،‭ ‬وبعد‭ ‬40‭ ‬عامًا‭ ‬غابت‭ ‬أسس‭ ‬الدولة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وتراجع‭ ‬دورها‭ ‬لصالح‭ ‬النهج‭ ‬الآيديولوجي‭ ‬للميليشيات‭ ‬التي‭ ‬تشرف‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬مؤسسات‭ ‬النظام‭ ‬والمُسيطرة‭ ‬على‭ ‬كياناته‭.‬

خلال‭ ‬أربعين‭ ‬عامًا‭ ‬حاول‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬لنيل‭ ‬حريته‭ ‬وإرادته‭ ‬ورفضه‭ ‬مشروع‭ ‬ميليشيات‭ ‬النظام،‭ ‬وبسبب‭ ‬تفاقم‭ ‬الأوضاع‭ ‬المعيشية‭ ‬والانهيار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬شهدت‭ ‬المُدن‭ ‬الإيرانية‭ ‬حوادث‭ ‬ساخنة‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬والإضرابات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬يتجاهل‭ ‬حقوق‭ ‬القوميات‭ ‬غير‭ ‬الفارسية‭ ‬بتراجعه‭ ‬الدائم‭ ‬عن‭ ‬وعوده‭ ‬بتحسين‭ ‬أوضاعها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والحقوقية‭ ‬والإنسانية‭. ‬

واحتفلت‭ ‬الصُحف‭ ‬الإيرانية‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬تحت‭ ‬عناوين‭ ‬مُتعددة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬عناوين‭ ‬تختلف‭ ‬كثيرًا‭ ‬عن‭ ‬مُجتمع‭ ‬الفقر‭ ‬والجوع،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬ما‭ ‬بين‭ (‬45‭ ‬إلى‭ ‬60‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الفقر‭) ‬فإن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يتباهى‭ ‬بإنتاج‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬والأسلحة‭ ‬العسكرية‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬برامجه‭ ‬النووية‭ ‬واستعراضها‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬طهران،‭ ‬كما‭ (‬يبلغ‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الأجور‭ ‬12‭ ‬مليون‭ ‬ريال‭ ‬بما‭ ‬يساوي‭ ‬105‭ ‬دولارات‭ ‬في‭ ‬الشهر‭). ‬وكان‭ (‬الدولار‭ ‬الأميركي‭ ‬سابقًا‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬70‭ ‬ريالا‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فإن‭ ‬قيمته‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬120‭ ‬ألف‭ ‬ريال‭).   ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني‭ ‬مُستمر‭ ‬في‭ ‬الهبوط‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬الحصار‭ ‬والعقوبات‭ ‬الدولية،‭ ‬والمُستفيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الحصار‭ ‬أركان‭ ‬النظام‭ ‬وميليشياته‭ ‬والمنتفعون‭ ‬الآخرون‭ ‬من‭ ‬وجوده،‭ ‬والضحية‭ ‬هو‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬يتجرع‭ ‬سموم‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬منذُ‭ ‬40‭ ‬عامًا‭.‬