ما وراء الحقيقة

مؤامرة الربيع العربي... الحلم القطري

| د. طارق آل شيخان الشمري

عندما‭ ‬بدأت‭ ‬خيوط‭ ‬مؤامرة‭ ‬القرن‭ ‬وهي‭ ‬مؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬بالظهور،‭ ‬وبدأت‭ ‬ملامحها‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬السياسي‭ ‬العربي،‭ ‬آمن‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬القطريين،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬قطر‭ ‬لم‭ ‬تشارك‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬بهذه‭ ‬المؤامرة،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬إدارة‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬وإدارة‭ ‬أوباما‭ ‬والكسرويون‭ ‬بإيران‭ ‬والطورانيون‭ ‬بتركيا،‭ ‬نقول‭ ‬آمنوا‭ ‬ووجدوها‭ ‬فرصة‭ ‬عظيمة‭ ‬لتصفية‭ ‬حسابات‭ ‬قطر‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬وإسقاطها،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬سيئة‭ ‬ومتوترة‭ ‬مع‭ ‬الدوحة،‭ ‬والتي‭ ‬ترى‭ ‬بأنه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬إزاحتها‭ ‬من‭ ‬الخريطة،‭ ‬لأنها‭ ‬تشكل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬الرؤية‭ ‬والسياسة‭ ‬القطرية‭ ‬الجديدة،‭ ‬التي‭ ‬دشنها‭ ‬الشيح‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬خليفة‭ ‬منذ‭ ‬1995‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬الدوحة‭ ‬سياستها‭ ‬الجديدة‭ ‬باستهداف‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة،‭ ‬وضعت‭ ‬نصب‭ ‬عينيها‭ ‬إسقاط‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬الحاكمة‭ ‬وفق‭ ‬ركيزتين،‭ ‬الركيزة‭ ‬الأولى‭ ‬إسقاط‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬الدوحة‭ ‬أنها‭ ‬وقفت‭ ‬ضد‭ ‬وجود‭ ‬سياسة‭ ‬الشيخ‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬خليفة،‭ ‬لإيمان‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بأن‭ ‬قطر‭ ‬لن‭ ‬تسير‭ ‬وفق‭ ‬مفهوم‭ ‬الالتزام‭ ‬بالسياسة‭ ‬الخليجية‭ ‬الموحدة‭ ‬تجاه‭ ‬أهم‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬ووفق‭ ‬مفهوم‭ ‬الالتزام‭ ‬بالسياسة‭ ‬العربية‭ ‬الموحدة‭ ‬التي‭ ‬يشكلها‭ ‬أهم‭ ‬اللاعبين‭ ‬السياسيين‭ ‬العرب‭ ‬وليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أصلا‭ ‬سياسة‭ ‬عربية‭ ‬موحدة‭ ‬تلتزم‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تجاه‭ ‬القضايا‭ ‬المصيرية،‭ ‬فأما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقضية‭ ‬الالتزام‭ ‬بمفهوم‭ ‬السياسة‭ ‬الخليجية‭ ‬الموحدة،‭ ‬فتمثله‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬والبحرين،‭ ‬وأما‭ ‬الالتزام‭ ‬بالسياسة‭ ‬العربية‭ ‬الموحدة،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬مصر‭ ‬وسوريا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬اللاعبين‭ ‬السياسيين‭ ‬العرب،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالوحدة‭ ‬والأمن‭ ‬العربي‭.‬

وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬فإن‭ ‬إسقاط‭ ‬أنظمة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬والإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬ومصر‭ ‬وسوريا‭ ‬كان‭ ‬هدفا‭ ‬للسياسة‭ ‬القطرية‭ ‬الجديدة،‭ ‬كون‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬تشكل‭ ‬عمود‭ ‬الوحدة‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الدوحة‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬أهداف‭ ‬السياسة‭ ‬القطرية‭ ‬الجديدة،‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬وسياساتها‭ ‬الخارجية‭ ‬واقتصاداتها‭ ‬تابعة‭ ‬للدوحة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وكلاء‭ ‬قطر‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬سيطروا‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬بعد‭ ‬إسقاط‭ ‬أنظمة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الخمس‭.‬

أما‭ ‬الركيزة‭ ‬الثانية‭ ‬للدوحة،‭ ‬فهي‭ ‬إسقاط‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تشكل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬الدوحة،‭ ‬ولم‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬نظام‭ ‬الشيخ‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬خليفة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المفيد‭ ‬أيضا‭ ‬إسقاطها‭ ‬وإحلال‭ ‬وكلائها‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬مثل‭ ‬تونس‭ ‬وليبيا‭ ‬والجزائر‭ ‬وموريتانيا‭ ‬والمغرب،‭ ‬أو‭ ‬الإضرار‭ ‬بالسعودية‭ ‬كدعم‭ ‬الحوثيين‭ ‬وحزب‭ ‬الإصلاح‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬جهة‭ ‬تثير‭ ‬مشاكل‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إسقاط‭ ‬نظام‭ ‬علي‭ ‬عبدالله‭ ‬صالح،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحلم‭ ‬القطري‭ ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬له‭ ‬النجاح‭ ‬خلال‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭. ‬وللحديث‭ ‬بقية‭.‬