زبدة القول

القضاء على داعش أم تطوير داعش

| د. بثينة خليفة قاسم

قبل‭ ‬أيام‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬داعش‭ ‬خلال‭ ‬أيام،‭ ‬وأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬أن‭ ‬تتسلم‭ ‬كل‭ ‬الدواعش،‭ ‬وكأن‭ ‬داعش‭ ‬عصابة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬سرقة‭ ‬السيارات‭ ‬أو‭ ‬خطف‭ ‬الفتيات‭!‬

من‭ ‬السذاجة‭ ‬أن‭ ‬نصدق‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ستستطيع‭ ‬القضاء‭ ‬نهائيا‭ ‬على‭ ‬داعش‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬داعش‭ ‬من‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تزداد‭ ‬انتشارا‭ ‬وشراسة‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬المنكوبة،‭ ‬فهذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬تتمدد‭ ‬وتزداد‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الرخاوة‭ ‬والهشاشة‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭. ‬

الشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬المقنع‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتوقعه‭ ‬هو‭ ‬تغيير‭ ‬اسم‭ ‬داعش‭ ‬إلى‭ ‬اسم‭ ‬جديد،‭ ‬أما‭ ‬التنظيم‭ ‬نفسه‭ ‬فسيبقى‭ ‬ما‭ ‬بقي‭ ‬العالم‭ ‬محكوما‭ ‬بنفس‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬تحكمه‭ ‬الآن‭! ‬داعش‭ ‬وأخواتها‭ ‬تنظيمات‭ ‬تديرها‭ ‬دول‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬استخبارات‭ ‬وتقدم‭ ‬لها‭ ‬التمويل‭ ‬والمعلومات‭ ‬التي‭ ‬تسهل‭ ‬لها‭ ‬القيام‭ ‬بسفك‭ ‬الدماء‭ ‬وتخريب‭ ‬وتفكيك‭ ‬الدول‭. ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أعلنت‭ ‬مرارا‭ ‬أنها‭ ‬ستقضي‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬وحدث‭ ‬العكس،‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬فازداد‭ ‬الإرهاب‭ ‬وانتقل‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬وعاش‭ ‬معززا‭ ‬مكرما‭ ‬وقامت‭ ‬الطائرات‭ ‬الأميركية‭ ‬بحمايته‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬كثيرة‭ ‬ونقله‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬حسب‭ ‬الضرورة‭ ‬وحسب‭ ‬التكتيك‭ ‬وتغير‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬القتال‭. ‬

لا‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬القاعدة‭ ‬وبين‭ ‬داعش‭ ‬وغيرهما‭ ‬لأن‭ ‬المعين‭ ‬الذي‭ ‬يتغذى‭ ‬منه‭ ‬الإرهاب‭ ‬معين‭ ‬واحد‭ ‬والأسباب‭ ‬واحدة‭ ‬وراء‭ ‬ميلاد‭ ‬وانتشار‭ ‬جماعات‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وأهم‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

الاسم‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يتغير‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬حرب‭ ‬تشنها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬اسم‭ ‬داعش‭ ‬آخر‭ ‬الأسماء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬استمرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬سياساتها‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬استمرت‭ ‬الضغوط‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬حل‭ ‬مذل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وخلاصة‭ ‬القول‭ ‬ان‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬فرضها‭ ‬مستغلة‭ ‬حالة‭ ‬الوهن‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬الأمة‭ ‬حتما‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفشي‭ ‬إرهاب‭ ‬جديد‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬جديد‭.  ‬أغلب‭ ‬الظن‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬يخاطب‭ ‬الناخب‭ ‬الأميركي‭ ‬ويؤكد‭ ‬على‭ ‬كلامه‭ ‬بهذه‭ ‬الضربات‭ ‬الجوية‭ ‬التي‭ ‬يعلم‭ ‬الله‭ ‬وحده‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬تسقط‭.‬