الميثاق‭.. ‬إرادة‭ ‬ملك‭ ‬وثقة‭ ‬شعب

| مؤنس المردي

ليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬القليلة‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬ضخم‭ ‬ومشروع‭ ‬وطني‭ ‬كبير‭ ‬بحجم‭ ‬وقيمة‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬يستحق‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مجلدات‭ ‬كبيرة‭ ‬ومساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬تتسع‭ ‬لما‭ ‬أحدثه‭ ‬هذا‭ ‬الميثاق‭ ‬من‭ ‬عهد‭ ‬جديد‭ ‬وولوج‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتطور‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬ميادين‭ ‬الحياة‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬حدثًا‭ ‬فريدًا‭ ‬من‭ ‬نوعه،‭ ‬تاريخيًا‭ ‬في‭ ‬دلالته،‭ ‬عظيمًا‭ ‬في‭ ‬نتائجه‭ ‬وآثاره،‭ ‬وطنيًا‭ ‬في‭ ‬حدوثه‭ ‬وأحداثه،‭ ‬حينما‭ ‬خرجت‭ ‬جموع‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬بمختلف‭ ‬انتماءاتها‭ ‬ومكوناتها‭ ‬يوم‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2001م‭ ‬تلبي‭ ‬نداء‭ ‬الوطن‭ ‬وتستجيب،‭ ‬وتشارك‭ ‬بحب‭ ‬شديد‭ ‬وإخلاص‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬بنود‭ ‬هذا‭ ‬الميثاق‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬بعناية‭ ‬كبيرة‭ ‬وبرؤية‭ ‬ثاقبة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وجسدت‭ ‬إدراكه‭ ‬العميق‭ ‬لما‭ ‬يتطلبه‭ ‬الحاضر‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬ومقومات‭ ‬وما‭ ‬يفرضه‭ ‬الوصول‭ ‬لمستقبل‭ ‬زاهر‭ ‬لهذا‭ ‬الشعب‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬وسياسات،‭ ‬وكان‭ ‬لجلالته‭ ‬ما‭ ‬أراد‭ ‬من‭ ‬توحد‭ ‬شعبي‭ ‬والتفاف‭ ‬مجتمعي‭ (‬بنسبة‭ ‬98‭.‬4‭ %) ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الميثاق‭ ‬الوطني‭ ‬وعلى‭ ‬بنوده‭ ‬ومفرداته‭ ‬في‭ ‬ملحمة‭ ‬وطنية‭ ‬ستظل‭ ‬خالدة‭ ‬في‭ ‬السجلات‭ ‬المضيئة‭ ‬والصفحات‭ ‬الشامخة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

وإن‭ ‬الاحتفال‭ ‬بهذه‭ ‬الذكرى‭ ‬الغالية‭ ‬لهي‭ ‬مناسبة‭ ‬جديدة‭ ‬ومهمة‭ ‬لنتأمل‭ ‬ونستفيد‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الرائدة‭ ‬التي‭ ‬اشتملت‭ ‬كل‭ ‬معاني‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬والإخلاص‭ ‬للوطن،‭ ‬وأسست‭ ‬لدولة‭ ‬مدنية‭ ‬عصرية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والاقتصاد‭ ‬القوي‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬والتي‭ ‬يتكاتف‭ ‬أفرادها‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬تاريخها‭ ‬الناصع‭ ‬ومنجزاتها‭ ‬المتتالية‭ ‬لتظل‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مكانتها‭ ‬المستحقة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬والمجتمعات‭ ‬المتحضرة‭.‬

ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬ملك‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬بالبلاد‭ ‬والمضي‭ ‬بها‭ ‬نحو‭ ‬آفاق‭ ‬دائمة‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭ ‬وعلى‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة،‭ ‬وتجسيد‭ ‬لثقة‭ ‬شعب‭ ‬في‭ ‬قيادته‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬ملامسة‭ ‬همومه‭ ‬واحتياجاته‭ ‬وتحقيق‭ ‬آماله‭ ‬وتطلعاته‭ ‬وطموحاته‭.‬

وإن‭ ‬إنجاز‭ ‬الميثاق‭ ‬سيظل‭ ‬يمنحنا‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬غد‭ ‬أفضل‭ ‬ومستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬ازدهارًا‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتحقق‭ ‬لأبناء‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬من‭ ‬مكتسبات‭ ‬ستتوالى‭ ‬وتتزايد‭ ‬ما‭ ‬بقيت‭ ‬فينا‭ ‬روح‭ ‬هذا‭ ‬الميثاق‭ ‬الوطني‭ ‬التي‭ ‬وحدت‭ ‬كافة‭ ‬فئات‭ ‬الشعب‭ ‬على‭ ‬مبادئه‭ ‬وثوابته‭ ‬ومرتكزاته،‭ ‬وجعلته‭ ‬يلتف‭ ‬حول‭ ‬مبدع‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬العظيم،‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭.‬