أنسنة

التعليم في البحرين... بين التطوير والتجارة (2)

| رجاء مرهون

استكمالا لما طرحته في مقالي السابق من تساؤلات بشأن مطالب غرفة تجارة وصناعة البحرين للجهات المعنية بعدم الإعلان عن أية مخالفات أو ملاحظات توجه للجامعات الخاصة، والاكتفاء بطرحها ومعالجتها “خلف الأبواب المغلقة”، ومدى إمكانية خضوع مجتمعنا لهذه المطالبات. أتناول في هذا المقال مطلباً آخر طرحه التجار في الآونة الأخيرة ويرتبط أيضا بالتعليم، لكن هذه المرة عبر بوابة البرلمان، وذلك في صيغة مقترح نيابي يدعو الحكومة لـ “خصخصة التعليم” تحت مبررات تحسين الجودة! المفاجئ في المقترح تقديمه أثناء فترة مناقشة الحكومة برنامج عملها وفي ظل تأكيدها استمرار تقديم الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وإسكان، وبينما كانت مجموعة من النواب تحاول الحصول على أكبر مكاسب ممكنة، خرج علينا مقترح يدعو الحكومة إلى التراجع عن دورها في تقديم التعليم للجميع. ورغم إصرار النائب الكريم على طرح الفكرة المثيرة للجدل عدة مرات، إلا أنه من الصعوبة مناقشة الفكرة في تفاصيلها، فمقدم المقترح يقدم تصورات مختلفة في كل مرة يصرح فيها، فتارة يتحدث عن تعليم خاص مجاني، تدفع الحكومة في نظامه مبالغ محددة لأولياء الأمور عن كل طالب، وتارة أخرى يتحدث عن مدارس تمول شعبياً “أي من الناس والأهالي”. أما تصريحه الأخير الذي أجج الانتقادات لمقترحه أكثر فأكثر، فتحدث فيه عن إلغاء القطاع العام والخاص في التعليم! حاولت أن أفهم فكرة النائب، فبحثت عن واقع التعليم في دول متقدمة أو نهضت اقتصاديا بعد أن طبقت “الخصخصة” كما أشار “سعادته” في تصريحاته إلى هونغ كونغ، والبرازيل وفنلندا، فوجدت أن الفئة الأكبر من شعوب هذه الدول تتلقى تعليمها في مدارس تمتلكها وتديرها الدولة بشكل مباشر عبر أجهزتها الرسمية. إن خصخصة التعليم لن تنتج بالضرورة جودة أعلى في تقديم الخدمات، فخصخصة بعض الخدمات البلدية في البحرين أخذتها للأسوأ، لكنها بالتأكيد ستضاعف أرباح فئة من التجار وملاك المدارس، وإن حرصت الدولة على مجانية الخدمات. وبعيدا عن قراءة النوايا، أدعو جميع النواب لتمثيل شعبنا تمثيلا صحيحا، وخصوصا الأقل حظا منا، وأن لا ينصب اهتمامهم على تحسين فئات معينة، “تجار... إلخ”.