حدث في مؤسسة حكومية!

| عباس العمران

المتخصصُ‭ ‬والمتابع‭ ‬لعلوم‭ ‬الإدارة‭ ‬والتطوير‭ ‬والتنمية،‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أساليب‭ ‬حيوية‭ ‬ومتقدمة‭ ‬جديدة‭ ‬حولَ‭ ‬كيفية‭ ‬النهوض‭ ‬بمستوى‭ ‬الدول‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والمشاريع‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬شركة‭ ‬أبل‭ ‬العالمية‭ ‬يعادلُ‭ ‬دخلها‭ ‬اليوم‭ ‬دخل‭ ‬دولة‭ ‬غنية‭ ‬بالبترول‭ ‬والموارد،‭ ‬هو‭ ‬بالطبع‭ ‬ليس‭ ‬عامل‭ ‬الحظ‭ ‬الذي‭ ‬لعب‭ ‬دوراً‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ - ‬كما‭ ‬يعلقُ‭ ‬ساخراً‭ ‬أحد‭ ‬المفكرين‭ - ‬بل‭ ‬العبقرية‭ ‬الإدارية‭ ‬التي‭ ‬أبدعت‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬النجاح‭. ‬في‭ ‬الجهة‭ ‬المقابلة،‭ ‬مازالت‭ ‬مؤسسات‭ ‬ومشاريع‭ ‬عديدة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬تقبعُ‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الفشل‭ ‬المستمر‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬استنزافٍ‭ ‬دائم‭ ‬للموارد‭ ‬ولا‭ ‬تعرفُ‭ ‬النجاح‭. ‬أتذكرُ‭ ‬حكاية‭ ‬ذلك‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬حكى‭ ‬لي‭ ‬قصتهُ‭ ‬وجعلني‭ ‬في‭ ‬حالةٍ‭ ‬من‭ ‬التعجب‭ ‬والضيق،‭ ‬حينما‭ ‬باح‭ ‬لي‭ ‬بما‭ ‬يغصُ‭ ‬به‭ ‬صدره‭ ‬جراء‭ ‬توبيخ‭ ‬مسؤول‭ ‬لهُ‭ ‬في‭ ‬مؤسسةٍ‭ ‬حكومية‭ ‬عندما‭ ‬كرر‭ ‬مراجعته‭ ‬طلب‭ ‬التوظيف،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬سوى‭ ‬التلفظ‭ ‬عليه‭ ‬بعبارة‭ ‬قاسية‭ ‬لمنعهِ‭ ‬من‭ ‬مراجعتهِ‭ ‬مرةً‭ ‬أخرى‭. ‬قائلا‭ ‬له‭ ‬“لو‭ ‬كان‭ ‬الأمرُ‭ ‬بيدي‭ ‬لما‭ ‬سمحتُ‭ ‬لك‭ ‬حتى‭ ‬بالعبورِ‭ ‬من‭ ‬البوابةِ‭ ‬الرئيسية”،‭ ‬يقولُ‭ ‬ذلك‭ ‬بينما‭ ‬تضمُ‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬عشرات‭ ‬الوافدين‭ ‬العاملين‭ ‬ممن‭ ‬هم‭ ‬أقل‭ ‬كفاءةً‭ ‬ومؤهلاً‭! ‬لا‭ ‬تعليق‭ ‬أبداً‭.‬

صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬يحث‭ ‬ويوجه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬محفل‭ ‬ولقاء‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬بتعزيز‭ ‬توظيف‭ ‬البحريني‭ ‬وتفضليه‭ ‬على‭ ‬الوافد،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬الطاقات‭ ‬الوطنية،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬يحرص‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬على‭ ‬اتساقها‭ ‬وتطويرها‭ ‬ليقول‭ ‬لشاب‭ ‬تغرب‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬دارساً‭ ‬على‭ ‬نفقته‭ ‬الخاصة‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬بيده‭ ‬لما‭ ‬سمح‭ ‬له‭ ‬بالعبور‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬البوابة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للمؤسسة‭ ‬ليقدم‭ ‬أوراقه‭. ‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬برنامج‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬للمنح‭ ‬الدراسية‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬والذي‭ ‬يستفيد‭ ‬منه‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني‭ ‬المتفوق،‭ ‬فيتم‭ ‬ابتعاثهم‭ ‬لأعرق‭ ‬الجامعات‭ ‬العالمية‭ ‬وبمتابعة‭ ‬دقيقة‭ ‬من‭ ‬سموه،‭ ‬وبرنامج‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لتنمية‭ ‬الكوادر‭ ‬الوطنية،‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الواعد‭ ‬الذي‭ ‬يرفد‭ ‬المواقع‭ ‬الحكومية‭ ‬بطاقات‭ ‬شبابية‭ ‬مؤهلة‭ ‬ومدربة‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭. ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬المخلصة‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬وولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬بمستوى‭ ‬أداء‭ ‬متسق‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬والاستراتيجية،‭ ‬نحتاجُ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬المهمة‭ ‬حقاً‭ ‬غربلة‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬الحكومي‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬أبجديات‭ ‬العمل‭ ‬الإداري،‭ ‬وبدوا‭ ‬يتصرفون‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬المؤسسة‭ ‬الحكومية‭ ‬إرث‭ ‬لهم،‭ ‬فيفعلون‭ ‬ما‭ ‬يشاؤون‭ ‬ليصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬له‭ ‬ذاك‭ ‬المسؤول‭ ‬حينما‭ ‬اغتالَ‭ ‬أحلام‭ ‬مواطنٍ‭ ‬شاب‭ ‬في‭ ‬مقتبل‭ ‬العمر‭ ‬يحمل‭ ‬شهادة‭ ‬الماجستير‭ ‬بعباراتٍ‭ ‬محبطة‭! ‬فمتى‭ ‬تتسق‭ ‬استراتيجية‭ ‬التطوير‭ ‬بكفاءات‭ ‬وطنية‭ ‬مخلصة‭ ‬مُعافاة‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬الأنا؟‭.‬