بابا السلام: رمز التسامح في أرض الإمارات (1)

| سالم الكتبي

تكتسب‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬قداسة‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس،‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬رأس‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية،‭ ‬إلى‭ ‬الإمارات‭ ‬أهمية‭ ‬استثنائية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬اعتبارات‭ ‬وعوامل‭ ‬عدة،‭ ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬الزيارة‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬زيارة‭ ‬باباوية‭ ‬للخليج‭ ‬العربي،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬التاريخي‭ ‬والروحي‭ ‬والعلاقة‭ ‬بين‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬والمسيحي‭ ‬وأتباعهما‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم‭.‬

والعامل‭ ‬الثاني‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬البروتوكولي‭ ‬بل‭ ‬تتضمن‭ ‬فعاليات‭ ‬ولقاءات‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية،‭ ‬منها‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬خاص‭ ‬مع‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين،‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬العلماء‭ ‬المسلمين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬برئاسة‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب،‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬فعاليات‭ ‬الملتقى‭ ‬العالمي‭ ‬للأخوة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬واللقاء‭ ‬والملتقى‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬يمثلان‭ ‬محطة‭ ‬فاصلة‭ ‬ومنعطفا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬الحوار‭ ‬والتقارب‭ ‬بين‭ ‬الأديان،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التوجهات‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فضيلة‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الإمام‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب‭ ‬وقداسة‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬بشأن‭ ‬أهمية‭ ‬نزع‭ ‬فتيل‭ ‬الصراعات‭ ‬والمؤامرات‭ ‬التي‭ ‬تحاك‭ ‬بهدف‭ ‬الوقيعة‭ ‬بين‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسيحية‭ ‬وإشعال‭ ‬صراعات‭ ‬بين‭ ‬الحضارات‭ ‬والثقافات‭ ‬واستدعاء‭ ‬الخلافات‭ ‬من‭ ‬أدراج‭ ‬التاريخ‭ ‬بزعم‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬أو‭ ‬المسيحية‭.‬

والعامل‭ ‬الثالث‭ ‬أن‭ ‬الزيارة‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬التسامح‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات،‭ ‬حيث‭ ‬تدشن‭ ‬الدولة‭ ‬جهودها‭ ‬المكثفة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مأسسة‭ ‬دورها‭ ‬ورسالتها‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬البشر،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬مشاركة‭ ‬البابا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬تمنح‭ ‬زخماً‭ ‬إضافياً‭ ‬وتؤكد‭ ‬عالمية‭ ‬الرسالة‭ ‬ومدى‭ ‬ما‭ ‬تحظى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬العالم‭ ‬الدينية‭ ‬والروحية‭.‬

والعامل‭ ‬الرابع‭ ‬أن‭ ‬لقاء‭ ‬رمزي‭ ‬التسامح‭ ‬والاعتدال‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬والمسيحي،‭ ‬فضيلة‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬وبابا‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬يمثل‭ ‬ترجمة‭ ‬لجهود‭ ‬ودور‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬أبوظبي‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬سموه‭ ‬بدور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬عالمياً،‭ ‬وتحويل‭ ‬الإمارات‭ ‬إلى‭ ‬عاصمة‭ ‬لهذه‭ ‬القيمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحضارية‭ ‬الفريدة،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬الحصانة‭ ‬القوية‭ ‬ضد‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬والكراهية‭ ‬والتحريض،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬دور‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬ثقافة‭ ‬التعايش‭ ‬وإيمانه‭ ‬القوي‭ ‬بهذه‭ ‬الرسالة،‭ ‬وسعيه‭ ‬المستمر‭ ‬لمأسستها‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬استدامتها‭ ‬وتعميم‭ ‬فوائدها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭.‬

العامل‭ ‬الخامس‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬تنطوي‭ ‬عليها‭ ‬زيارة‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات،‭ ‬حيث‭ ‬حضر‭ ‬قداسته‭ ‬القداس‭ ‬والصلاة‭ ‬البابوية‭ ‬التي‭ ‬احتضنها‭ ‬ملعب‭ ‬مدينة‭ ‬زايد‭ ‬الرياضية،‭ ‬وسط‭ ‬حضور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬120‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬يتقدمهم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الحكوميين،‭ ‬وهو‭ ‬قداس‭ ‬يذاع‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬يحمل‭ ‬رسالة‭ ‬سلام‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬ولهذا‭ ‬القداس‭ ‬أثر‭ ‬تاريخي‭ ‬بالغ‭ ‬في‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسيحية‭ ‬والتعريف‭ ‬بالقيم‭ ‬الأصيلة‭ ‬للدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬الحنيف،‭ ‬ولاسيما‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقبول‭ ‬الآخر‭ ‬والانفتاح‭ ‬عليه‭ ‬والتعايش‭ ‬معه‭. ‬“إيلاف”‭.‬

“لقاء‭ ‬رمزي‭ ‬التسامح‭ ‬والاعتدال‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬والمسيحي،‭ ‬يمثل‭ ‬ترجمة‭ ‬لجهود‭ ‬ودور‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬أبوظبي‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة”‭.‬