إيران... القصة تعيد نفسها أم ماذا؟ (4)

| نزار جاف

ما‭ ‬السبب‭ ‬الأساسي‭ ‬وراء‭ ‬الخلاف‭ ‬الحاد‭ ‬والجذري‭ ‬بين‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬وبين‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬والذي‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬توافق‭ ‬بينهما؟‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬رفض‭ ‬ترشيح‭ ‬السيد‭ ‬مسعود‭ ‬رجوي،‭ ‬زعيم‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬لأول‭ ‬انتخابات‭ ‬لرئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬حيث‭ ‬أيدته‭ ‬معظم‭ ‬الأحزاب‭ ‬المعارضة‭ ‬وجميع‭ ‬الأقليات‭ ‬العرقية‭ ‬والدينية‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬أنه‭ ‬يرفض‭ ‬دستور‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أعلنت‭ ‬رفضها‭ ‬نظرية‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬منها‭ ‬جمهورية‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬المتشددين‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬ترى‭ ‬فيها‭ ‬امتدادا‭ ‬للديكاتورية‭ ‬الملكية‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬حلة‭ ‬دينية‭.‬

من‭ ‬المهم‭ ‬والمفيد‭ ‬جدا‭ ‬هنا‭ ‬لفت‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ومع‭ ‬رفض‭ ‬المنظمة‭ ‬تلك‭ ‬النظرية‭ ‬سعى‭ ‬التيار‭ ‬الديني‭ ‬بمختلف‭ ‬الطرق‭ ‬والوسائل‭ ‬والأساليب‭ ‬لكسب‭ ‬ودها‭ ‬وضمان‭ ‬جانبها‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬استقبال‭ ‬الخميني‭ ‬مسعود‭ ‬رجوي‭ ‬وقادة‭ ‬آخرين‭ ‬للمنظمة،‭ ‬لكن‭ ‬ظلت‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬رأيها‭ ‬وموقفها‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬أساس‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭. ‬

إن‭ ‬سعي‭ ‬التيار‭ ‬الديني‭ ‬المتشدد‭ ‬بزعامة‭ ‬الخميني‭ ‬لكسب‭ ‬ود‭ ‬المنظمة،‭ ‬كان‭ ‬بسبب‭ ‬شعبيتها‭ ‬ويكفي‭ ‬أن‭ ‬نورد‭ ‬مثالين‭ ‬مهمين‭ ‬للتأكيد‭ ‬على‭ ‬ذلك؛‭ ‬الأول‭ ‬عندما‭ ‬عقد‭ ‬مسعود‭ ‬رجوي،‭ ‬أول‭ ‬اجتماع‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحه‭ ‬من‭ ‬السجن،‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬طهران‭ ‬حضره‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬ألف،‭ ‬والثاني‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬صحيفة‭ ‬لوموند‭ ‬الفرنسية‭ ‬بتاريخ‭ ‬29‭ ‬آذار‭ ‬1980‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭: ‬“وحسب‭ ‬التوقعات‭ ‬المختلفة‭ ‬فإنه‭ ‬لولا‭ ‬رفض‭ ‬الإمام‭ ‬الخميني‭ ‬ترشيحه‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي،‭ ‬لكان‭ ‬السيد‭ ‬رجوي‭ ‬قد‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬ملايين‭ ‬الأصوات،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يحظى‭ ‬بتأييد‭ ‬الأقليات‭ ‬القومية‭ ‬والدينية،‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يدعم‭ ‬منحهم‭ ‬حقوقا‭ ‬متساوية‭ ‬وحكما‭ ‬ذاتيا”،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أعلن‭ ‬رجوي‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬مادة‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬الخامسة‭ ‬منها‭: ‬“تحقيق‭ ‬حقوق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مناطق‭ ‬البلاد،‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق‭ ‬والشمال‭ ‬والجنوب”‭. ‬

لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الاختلاف‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬عميق‭ ‬جدا‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تذكرنا‭ ‬الموقف‭ ‬البربري‭ ‬للجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬التطلعات‭ ‬الكردية‭ ‬والمجازر‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬سنندج‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬وكانت‭ ‬المنظمة‭ ‬قد‭ ‬أدانتها‭ ‬وأعلنت‭ ‬تضامنها‭ ‬مع‭ ‬الكرد‭. ‬هذا‭ ‬التباين‭ ‬الحاد‭ ‬أكد‭ ‬استحالة‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التفاهم‭ ‬والتوافق‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬المواجهة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬مناص‭ ‬منها‭. ‬“إيلاف”‭.‬

 

“جمهورية‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬المتشددين‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬امتداد‭ ‬للديكتاتورية‭ ‬الملكية‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬حلة‭ ‬دينية”‭.‬