زبدة القول

لهذا لا تثق الشعوب بشعارات الديمقراطية

| د. بثينة خليفة قاسم

ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬فنزويلا‭ ‬حاليا‭ ‬دليل‭ ‬جديد‭ ‬وأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاءها‭ ‬الأوروبيين‭ ‬يعرفون‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ويقررون‭ ‬كما‭ ‬يشاءون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرئيس‭ ‬ديمقراطي‭ ‬أو‭ ‬ديكتاتوري‭ ‬على‭ ‬هواهم‭. ‬

فالديمقراطية‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬أميركا‭ ‬كذلك‭ ‬والحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬هي‭ ‬حكما‭ ‬رشيدا‭ ‬وما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭ ‬فهو‭ ‬مرفوض‭ ‬من‭ (‬المجتمع‭ ‬الدولي‭).‬

كيف‭ ‬نقتنع‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬الذي‭ ‬وعد‭ ‬في‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬يتدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬جاء‭ ‬إلى‭ ‬فنزويلا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الديمقراطية؟‭ ‬ترامب‭ ‬وحلفاؤه‭ ‬الأوروبيون‭ ‬يقفون‭ ‬خلف‭ ‬رئيس‭ ‬البرلمان‭ ‬الفنزويلي‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬نفسه‭ ‬رئيسا‭ ‬على‭ ‬البلاد‭ ‬ضد‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭. ‬ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬مساندة‭ ‬رئيس‭ ‬البرلمان‭ ‬الذي‭ ‬انقلب‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬ولكن‭ ‬تم‭ ‬توجيه‭ ‬الإنذارات‭ ‬والتهديدات‭ ‬والاستعداد‭ ‬للتدخل‭ ‬العسكري‭ ‬المباشر‭ ‬لإجبار‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬مكانه‭.‬

وكأن‭ ‬الشعب‭ ‬الفنزويلي‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬ولا‭ ‬اعتبار‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة‭ ‬العجيبة‭! ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬فنزويلا‭ ‬ستلحق‭ ‬بقائمة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تدميرها‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬مقدراتها‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬حماية‭ ‬الديمقراطية‭. ‬

الدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأتباعها‭ ‬الأوروبيين‭ ‬رفضوا‭ ‬دعوات‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬والمعارضة‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬رئيس‭ ‬البرلمان‭ ‬المنقلب‭.‬

والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬المسارعة‭ ‬بفرض‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬شركة‭ ‬النفط‭ ‬الفنزويلية‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬الحسابات‭ ‬الحكومية‭ ‬وتضييق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬كله‭.‬

إنها‭ ‬خطة‭ ‬واضحة‭ ‬لتدمير‭ ‬فنزويلا‭ ‬ذات‭ ‬الاحتياطيات‭ ‬النفطية‭ ‬الكبيرة‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تدمير‭ ‬العراق‭ ‬تحت‭ ‬نفس‭ ‬الذرائع‭ ‬والحجج،‭ ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬أعلن‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬أن‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأميركية‭ ‬أخطات‭ ‬في‭ ‬تقديرها‭ ‬للعراق‭ ‬وامتلاكه‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬قبل‭ ‬احتلال‭ ‬العراق‭!‬

والخلاصة‭ ‬أن‭ ‬فنزويلا‭ ‬وما‭ ‬يجري‭ ‬فيها‭ ‬وما‭ ‬يراد‭ ‬لها‭ ‬هو‭ ‬دليل‭ ‬دامغ‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الغربية‭ ‬طالما‭ ‬استخدمت‭ ‬لتأديب‭ ‬حكام‭ ‬وشعوب‭ ‬يسبحون‭ ‬ضد‭ ‬تيار‭ ‬أميركا‭ ‬وحلفائها‭ ‬الغربيين‭.‬