ريشة في الهواء

تصفير العاطلين... هل هو مستحيل؟!

| أحمد جمعة

الإعلان‭ ‬الحكومي‭ ‬المثير‭ ‬للتفاؤل‭ ‬والإعجاب‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬معالي‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬بتصفير‭ ‬طلبات‭ ‬الإسكان‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬الحكومة‭ ‬قادني‭ ‬لأتأمل‭ ‬إمكانية‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬العاطلين‭ ‬الأزلية‭ ‬وتخيل‭ ‬أننا‭ ‬بلغنا‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬مرحلة‭ ‬خط‭ ‬النهاية‭ ‬بهذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬وتم‭ ‬تصفير‭ ‬قوائم‭ ‬البطالة،‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬خيال‭ ‬ومستحيل‭ ‬على‭ ‬مجتمع‭ ‬صغير‭ ‬متراص‭ ‬ومترابط‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬عدد‭ ‬سكانه‭ ‬المليون‭ ‬ونصف‭ ‬المليون،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصفهم‭ ‬أجانب؟‭ ‬هل‭ ‬بلوغ‭ ‬مستوى‭ ‬خط‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬البطالة‭ ‬حلم‭ ‬بمجتمع‭ ‬هذه‭ ‬حدوده‭ ‬ولديه‭ ‬من‭ ‬الإمكانيات‭ ‬ما‭ ‬يقربه‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬لولا‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬التصورات‭ ‬والحلول‭ ‬العبقرية‭ ‬لها،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬توفرت‭ ‬الإرادة‭ ‬فالأحلام‭ ‬تتحقق‭ ‬ولكن‭ ‬بالبحث‭ ‬والتقصي‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬والنتائج‭.‬

حالياً‭ ‬العاطلون‭ ‬يزدادون‭ ‬وفرص‭ ‬العمل‭ ‬تتقلص‭ ‬وبالوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تقول‭ ‬الإحصائيات‭ ‬إن‭ ‬سكان‭ ‬البحرين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصفهم‭ ‬أجانب‭ ‬أغلبهم‭ ‬يحتلون‭ ‬مراكز‭ ‬ووظائف‭ ‬مكتبية‭ ‬وتخصصية،‭ (‬مهندسون،‭ ‬أطباء،‭ ‬محامون،‭ ‬مستشارون،‭ ‬موظفون‭ ‬عاديون‭)‬،‭ ‬فيما‭ ‬يتكدس‭ ‬آلاف‭ ‬الخريجين‭ ‬بلا‭ ‬وظائف‭ ‬والسؤال‭ ‬أين‭ ‬الخلل؟‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬أم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬التوظيف؟

لماذا‭ ‬بعض‭ ‬الخريجين‭ ‬يجدون‭ ‬فرصتهم‭ ‬بالعمل‭ ‬حالما‭ ‬ينزلون‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وبعضهم‭ ‬ينتظر‭ ‬سنوات‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بوظيفة‭ ‬متواضعة؟‭ ‬لماذا‭ ‬سُدت‭ ‬أبواب‭ ‬الوظائف‭ ‬بالقطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬أمام‭ ‬البعض‭ ‬وشرعت‭ ‬أمام‭ ‬البعض‭ ‬الآخر؟

للإجابة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تأمل‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬المؤلف‭ ‬من‭ ‬طبقات‭ ‬وشرائح‭ ‬وفئات،‭ ‬وأن‭ ‬نتأمل‭ ‬وسائل‭ ‬التعليم‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬وأن‭ ‬نبحث‭ ‬بهذه‭ ‬الدهاليز‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬وراء‭ ‬الأسئلة‭ ‬العديدة‭ ‬المطروحة‭ ‬هنا‭.‬

إن‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬عموماً‭ ‬تطورا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تطوراً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬بكل‭ ‬المجالات‭ ‬والقطاعات،‭ ‬وهناك‭ ‬آليات‭ ‬وأساليب‭ ‬غزت‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬وغيرت‭ ‬نمط‭ ‬الأعمال‭ ‬والوظائف‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬بأغلبها‭ ‬كتلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالوظائف‭ ‬المكتبية‭ ‬الروتينية‭ ‬ولا‭ ‬بالتقليدية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالورق‭ ‬والمكاتب‭ ‬والمراجعات‭ ‬الخدمية،‭ ‬لقد‭ ‬تطور‭ ‬السوق‭ ‬وتطورت‭ ‬الأعمال‭ ‬وتعقدت‭ ‬الوسائل‭ ‬وخلال‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬والتغييرات‭ ‬ظلت‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬نفسها‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الوجوه‭.‬

أما‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬فهو‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬وجوهه‭ ‬مازال‭ ‬أسير‭ ‬الارتباط‭ ‬بالتعليم‭ ‬المتوسط‭ ‬وامتدادا‭ ‬له‭ ‬حيث‭ ‬تنعدم‭ ‬مراكز‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية‭ ‬وتغيب‭ ‬مراكز‭ ‬البحث‭ ‬والإبداع‭ ‬العلمي‭ ‬المرتبط‭ ‬بسوق‭ ‬العمل‭ ‬والتحولات‭ ‬العلمية‭ ‬بالكون‭ ‬ولا‭ ‬يواكب‭ ‬عالم‭ ‬الاتصالات‭ ‬والمعلومات‭ ‬وحاجات‭ ‬السوق‭ ‬بالوظائف‭ ‬المعقدة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتكنولوجيا‭.‬

 

تنويرة‭:

‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬صياداً‭ ‬مادمت‭ ‬تخشى‭ ‬البحر‭.‬